للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَهُ، وَلَكِنْ إِذَا جَعَلَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ؛ فَلَا، أَمِيتُوا سُنَّةَ الْعَجَمِ، وَأَحْيُوا سُنَّةَ الْعَرَبِ، أَمَّا سَمِعْتَ قَوْلَ عُمَرَ: تَمَعْدَدُوا، وَاخْشَوْشِنُوا، وَامْشُوا حُفَاةً، وَإِيَّاكُمْ وَزِيِّ الْعَجَمِ"١.

وَهَكَذَا إِنْ سَوَّى فِي التَّرْكِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْرُوهَاتِ؛ رُبَّمَا تُوُهِّمَتْ مَكْرُوهَاتٍ فَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَكْرَهُ الضَّبَّ وَيَقُولُ: "لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي؛ فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ" ٢، وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ؛ فَظَهَرَ حُكْمُهُ.

وَقُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فِيهِ ثُومٌ لَمْ٣ يَأْكُلْ مِنْهُ، قَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوبَ, وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: "لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ مِنْ أَجْلِ ريحه" ٤ وفي رواية [أخرى] ٥, أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: "كُلُوا؛ فَإِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ، إني أخاف أن أؤذي صاحبي" ٦.


١ أخرجه علي بن الجعد في "مسنده" "رقم ١٠٣٠، ١٠٣١"، وأبو عوانة في "مسنده" "٥/ ٤٥٦، ٤٥٩، ٤٦٠" بإسناد صحيح.
قال "ف": "التمعدد: الصبر على عيش معد بن عدنان، وكانوا أهل قشف وغلظ في المعاش، يقول: فكونوا مثلهم، ودعوا التنعم وزي العجم".
وانظر في شرحه والتعليق عليه: كلام ابن القيم في "الفروسية" "ص١٢٠، ١٢١, بتحقيقي"، وترى تخريجه أوعب مما هنا.
٢ أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الذبائح والصيد، باب الضب، ٩/ ٦٦٣/ رقم ٥٥٣٧"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة الضب، ٣/ ١٥٤٣/ رقم ١٩٤٦" عن خالد بن الوليد, رضي الله عنه.
٣ في "ط": "ولم.... فقال له ... ".
٤ أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الأشربة، باب إباحة أكل الثوم وأنه ينبغي لمن أراد خطاب الكبار تركه وكذا ما في معناه، ٣/ ١٦٢٣/ رقم ٢٠٥٣" عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- مرفوعًا.
٥ زيادة من "م".
٦ أخرجه الترمذي في "الجامع" "أبواب الأطعمة، باب ما جاء في الرخصة في الثوم مطبوخًا، ٤/ ٢٦٢/ رقم ١٨١٠"، وابن ماجه في "السنن" "كتاب الأطعمة، باب أكل الثوم والبصل والكراث، ٢/ ١١١٦/ رقم ٣٣٦٤"، والحميدي في "المسند" "١/ ١٦٢/ رقم ٣٣٩"، والدارمي في "السنن" "٢/ ١٠٢" عن أم أيوب -رضي الله عنها- مرفوعًا بألفاظ، واللفظ المذكور لفظ الترمذي؛ إلى أن أوله: "كلوه"، وهو حسن، وفي الباب عن جماعة من الصحابة، خرجتها في "التعليقات الحسان على تحقيق البرهان في شأن الدخان"، وهو مطبوع ولله الحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>