للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي نُزُولِ الْحَاجِّ بِالْمُحَصَّبِ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ الْأَبْطَحُ: "أَسْتَحِبُّ لِلْأَئِمَّةِ وَلِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ أَنْ لَا يُجَاوِزُوهُ حَتَّى يَنْزِلُوا بِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ١ حَقِّهِمْ لِأَنَّ ذَلِكَ٢ أَمْرٌ قَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْخُلَفَاءُ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِحْيَاءُ سُنَنِهِ وَالْقِيَامُ بِهِ٣ لِئَلَّا يُتْرَكَ هَذَا الْفِعْلُ جُمْلَةً، وَيَكُونُ٤ لِلنُّزُولِ بِهَذَا الْمَوْضِعِ حُكْمُ النُّزُولِ بِسَائِرِ الْمَوَاضِعِ، لَا فَضِيلَةَ لِلنُّزُولِ بِهِ، بَلْ لَا يَجُوزُ النُّزُولُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ". هَكَذَا نَقَلَ الباجي٥.

و [هو] ظَاهِرٌ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْمَنْدُوبَ٦ لا بد مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ، وَذَلِكَ بِفِعْلِهِ وَإِظْهَارِهِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ٧ فِي حَدِيثِ عُمَرَ "بَلْ أَغْسِلُ مَا رَأَيْتُ، وَأَنْضَحُ مَا لَمْ أَرَ" ٨: فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ رَأَى أَنَّ أَعْمَالَهُ وَأَقْوَالَهُ نَهْجٌ لِلسُّنَّةِ، وَأَنَّهُ مَوْضِعٌ لِلْقُدْوَةِ، يَعْنِي: فَعَمِلَ هُنَا عَلَى مُقْتَضَى الْأَخْذِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي التَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ فِي تَرْكِ تكلف ثوب آخر الصلاة، وَفِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ غَسْلِ الثَّوْبِ.

وَفِي٩ الحديث: "واعجبًا لك يابن العاص! لئن كنت تجد ثيابًا؛ أفكل


١ كذا في النسخ كلها، وفي مطبوع "المنتقى" للباجي: "في".
٢ عند الباجي: "لأن هذا أمر".
٣ في مطبوع "المنتقى": ".... سنته والقيام بها".
٤ أي: ينسى حتى يصير هكذا في اعتقاد الناس. "د". وفي "ط": "ويكون النزول".
٥ في "المنتقى" "٣/ ٤٤".
٦ سقطت "في" من "د" وسقط "هو" من جميع النسخ إلا من "ط"، وسقطت من "ط" كلمة "مذهب" وقال "ف": "صحته أن في المندوب"!!
٧ هو الباجي، وكلامه الآتي في "المنتقى شرح الموطأ" "١/ ١٠٣".
٨ مضى تخريجه "٣/ ٥٠٢".
٩ لو قال: "ولذلك في الحديث: واعجبًا ... إلخ"؛ لكان أجود سبكًا وأظهر في ضم أجزاء الحديث بعضها بعضًا. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>