للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدفاع عن أبي عبد الله البخاري:

(ت س) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي مولاهم أبو عبد الله البخاري (ت (٢٥٦) هـ) قدم الري سنة (٢٥٠) هـ، وسمع منه أبوحاتم وأبو زرعة الرازيان إلا أنهما تركا حديثه. يقول ابن أبي حاتم عنه "سمع منه أبي وأبو زرعة ثم تركا حديثه عندما كتب إليهما محمد ابن يحيى النيسابوري أنه أظهر عندهم أن لفظه بالقرآن مخلوق" (١).

وبسبب تركهما الرواية عن البخاري وهما من كبار المحدثين لابد أن نكشف في هذا المبحث عن الأسباب والملابسات التي أدت إلى اتهام الإمام البخاري والتشهير به وتبرأه من هذه الفتنة وبالتالي رجوع كثير من الحفاظ عن ذلك واستدلال بعضهم كأبي زرعة في تجريح بعض الرجال بأقواله.

قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري": "قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في "تاريخ نيسابور" قدم البخاري نيسابور سنة خمسين ومائتين فأقام بها مدة يحدث على الدوام (٢)، وقال حاتم بن أحمد بن محمود: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت والياً ولا عالماً فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به استقبلوه من مرحلتين من البلد أو ثلاث، وقال محمد بن يحيى الذهلي في مجلسه من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غداً فليستقبله فإني أستقبله فاستقبله محمد بن يحيى وعامة علماء نيسابور فدخل البلد فنزل دار البخاريين فقال لنا محمد ابن يحيى: لا تسألوه عن شيء من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن عليه وقع بيننا وبينه وشمت بنا كل ناصبي، ورافضي، وجهمي، ومرجيء بخراسان قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأت الدار والسطوح فلما كان اليوم الثاني أو الثالث من يوم قدومه قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن فقال أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا، قال فوقع بين الناس اختلاف فقال بعضهم: قال لفظي


(١) انظر: الجرح والتعديل ج ٣/ق ٢/ ١٩١؛ وتهذيب التهذيب ج ٩/ ٤٨؛ وهدي الساري ص ٤٩٢.
(٢) انظر: هدي الساري ص ٤٩٠.