للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الأولى) إذا سرقت الدابة ونحرت إلى آخر المسالة

(فالجواب) أن الدابة إن سرقت من حرز مثلها كالبعير المعقول الذي عنده حافظ أو لم يكن معقولاً، وكان الحافظ ناظراً إليه أو مستيقظاً بحيث يراه ونحو ذلك مما ذكره الفقهاء في معرفة حرز المواشي فهذه إذا سرقت من الحرز فعلى السارق القطع بشرطه، فإن لم تكن في حرز فلا قطع على السارق وعليه مثلاً قيمة مثلها، وهو مذهب الإمام أحمد. واحتج بأن عمر غرم حاطب بن أبي بلتعة حين انحر غلمانه ناقة رجل من مزينة مثلي قيمتها. وأما من سرق من الثمر المعلق فلا قطع عليه وعليه غرامة مثليه في مذهب الإمام احمد، وقال أكثر الفقهاء: لا تجب فيه اكثر من مثليه وبالغ أبو عمر بن عبد البر فقال: لا اعلم أحداً من الفقهاء قال بوجوب غرامة مثليهن والصحيح ما ذهب إليه الإمام احمد لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق فقال "من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع" حديث حسن. قال الإمام أحمد: لا أعلم شيئاً يدفعه. وأما ما عدا هذا أعني الثمرة والماشية فالمشهور من مذهب الإمام أحمد لا يغرم أكثر من القيمة إن كان متقوماً أو مثله إن كان مثلياً لأن الأصل وجوب غرامة المثل فقط بدليل المتلف والمغصوب والنهب والاختلاس وسائر ما تجب غرانته فخولف الأصل في هذين الموضعين للأثر ويبقى ما عداهما على الأصل.

واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله وجوب غرامة المثلين في كل سرقة لا قطع فيها.

(وأما قول السائل) وفقه الله: وإذا اختلفا في القيمة ولا بينة لهما من القول قوله؟ فالظاهر من كلامهم أن القول قول الغارم.

(وأما قوله) وإذا سرقها ثم باعها على من لا يعرف فما الحكم؟ فنقول فيها كما تقدم وهو غرامة المثلين على ما ذكرنا من تغريم عمر حاطباً، وعلى ما دل عليه حديث عمرو بن شعيب فإن فيه أن السائل قال: الشاة الحريسة يا نبي الله؟ قال: "ثمنها ومثله معه" ولا فرق بين بيع الشاة وبين ذبحها ونحر الناقة وبيعها.

(المسألة الثانية) إذا دبر الرجل جاريته كقوله أنت عتيق بعد موتي وإذا مت فأنت حرة هل بين هذه الألفاظ فرق؟

(فالجواب) أنه لا فرق بين هذه الألفاظ، بل متى علق صريح العتق بالموت فقال أنت حرة محررة أوعتيق بعد موتي صارت مدبرة بغير خلاف علمته.

(وأما قوله) وإذا دبرها وهي حامل أو حملت بعد التدبير فما الحكم في ولدها؟ فنقول أما إذا دبرها وهي حامل فإن ولدها يدخل معها في التدبير بغير خلاف علمناه لأنه بمنزلة عضو من أعضائها، وأما إذا حملت به بعد التدبير ففيه خلاف بين العلماء فذهب الجمهور إلى أنه يتبع أمه في التدبير ويكون حكمه حكمها في العتق بموت سيدها

<<  <   >  >>