المبحث الثاني: منهج دفع التعارض بين أحاديث النهي والإذن
اختلف العلماء ولا سيما الأصوليين في دفع التعارض بين الأدلة الشرعية، فذهب الجمهور إلى أن منهج دفع التعارض هو النسخ أولا، وذلك بأن يُعْلَمَ تاريخ ورود كل من الدليلين المتعارضين فيكون المتأخر ناسخاً للمتقدم. فإن عجزنا عن معرفة تاريخ ورود الدليلين المتعارضين لجأنا إلى الجمع، وذلك بالتأليف بينهما وإزالة الاختلاف، فإن عَجَزْنا عن الجمع بين المتعارضين لجأنا إلى الترجيح؛ وذلك بتقوية أحد الدليلين المتعارضين بناء على قواعد الترجيح المعمول بها عند المحدثين والأصوليين.
وذهب الحنفية إلى أن منهج دفع التعارض بين الدليلين المتعارضين يكون بالجمع أولا ثم بالنسخ ثانيا، ثم بالترجيح ثالثا (١) .
والخلاف بين الجمهور والحنفية في تقديم الجمع على النسخ.
وتجدر الإشارة إلى أنه ليس ثمة تعارض حقيقي في الواقع ونفس الأمر بين أحاديث النهي وأحاديث الإذن، وإنما التعارض في الذهن فقط بحسب ما يبدو لذهن المجتهد لسبب من الأسباب التي تجعل الأدلة متعارضة في نظره.
وأود أن أنوه إلى أنني سأسير وفق منهج الجمهور في دفع التعارض بين أحاديث النهي وأحاديث الإذن.
أولاً: النسخ
والنسخ في اللغة هو الإزالة والنقل.
(١) الإحكام للآمدي ٣/١٨٢، تيسير التحرير ٣/١٦٠، شرح مختصر ابن الحاجب ٢/١٦٦.