باب ما جاء في بيان المحبة وأنواعها المأمور بها والمنهي عنه
واعلم أن أنواع المحبة التي تنسب إلى الله: محبة لله، ومحبة في الله، ومحبة مع الله.
فالمحبة التي لله: محبته ومحبة ما يحبه من النيات والأقوال والأفعال. والمحبة التي في الله: محبة من يحبه الله كالأنبياء والمرسلين وعباده الصالحين.
وأما المحبة التي مع الله فهي المحبة الشركية التي ذكرها في كتابه المنهية عنها وذلك قول الله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} . [البقرة: ١٦٥] . أخبر الله تعالى أن المشركين كانوا يحبون مع الله أنداداً ويساوونهم معه في المحبة كما قال تعالى عنهم وهم في النار:{قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} . [الشعراء: ٩٦-٩٨] . قال أبو العباس ابن تيمية: أي في المحبة. ثم ذكر أن المؤمنين أشد حبًّا لله.
واعلم أن المحبة تستلزم الطاعة ولا بد كما هو المعلوم بالضرورة فمن يدعي محبة الله يلزمه طاعته في متابعة رسوله كما قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} . [آل عمران: ٣١] . فمخالفة الله ورسوله تخل بالمحبة وتقدح فيها وكلما زادت المخالفة والمعاصي على قدر بعدها من محبة الله وقرب من عداوته حتى تؤول إلى الشرك والكفر كما ورد: المعاصي بريد الكافر، فالمخالف إذا ادعى المحبة فليس بصادق:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا وربي في القياس شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطبع