ويأتيه القرآن بأعلام الكون المستطيل مضروبا على الزمن بكل ما يحتويه من آيات الأحداث تاريخاً للآثار البشرية على طول الزمن في عَرْضِ الكون.
فالقرآن بأسلوبه الفريد يستحيي في قارئه الشعورَ بجلال المتكلم في جمال الكلام فيدرك في الأشياء أسرارها على نحو ما أقامها الله في آفاق الخلائق إقرارا منها بلسان تعيه القلوب فتجيبها بأنه لا إله إلا الله، وجمال الكلام وبروز العجائب فيه تستنطق من العجز قدرة الشهادة بأن محمدا رسول الله.
صرفت آيات القرآن، فالقصص آيات، والأحكام آيات، والأمر آيات، والنهى آيات، والوعد آيات، والوعيد آيات، ويمكنك أن تقول: القرآن آيات، ولا يمكنك قول القرآن قصص أو أحكام أو أوامر أو نواه أو وعد أو وعيد. لأنك حين تقول هذا تكون مخطئا من وجهين: أحدهما أنك صنفت المخاطَبَ على نحو واحد، والناس على أَنحاء عدة، ثانيهما: أن القرآن استجمع صفاتِ المكلفين مخاطِباً كلا بما يليق به، فمن يرى في حياته عبرة تُنَبِّهُ فيه اليقينَ بأن الإنسان خُلِقَ ضعيفاً أو خَلْقُُ ضعيف أَوْ كَلَتْ آياتُ القصص شعورَه إلى الاعتبار إلى الماضي، ليعيد نفسه على أساس أنه بذاته سيكون ماضيا كمن سبقه.
وليس للمطيع خطاب الوعيد كالعاصي، والناس صور تَنَاوَلَهَا القرآن ممزوجة كي ينقب كل إنسان فيه عن دخائلِ نفسِه، فإنه حين يتوزع القرآن على مجموع الصفات البشرية، كل بحسب ما يوافقه، فإن الشخصيات النفسية يضفي الحديث عنها توافقا أو إحساسا بالتوافق بين الكلام وبين نفس القارئ، وليس فيه من ذلك شيء، وحين يُبْسَط الحديثُ بسطًا مصروفا من كذا إلى كذا وتصادف النفسُ حقائقَ تحرِّك في القارئ شعوراً بحقيقة العلاقة