للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لهم، لم يكن من هؤلاء"١، ومنع الفيء عنهم عقوبة لهم، ولا عقوبة إلا في ترك ما يجب.

وهذا أصل مطرد عند أهل السنة والجماعة لكل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم قليلاً أو كثيراً، فإن "اسم الصحبة اسم جنس يعم قليل الصحبة، وكثيرها، وأدناها أن يصحبه زمناً قليلاً"٢.

وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه" ٣.

وبيان هذا أن "سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام بالكتاب، والسنة.

أما الأول، فلأن الله يقول: {وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: ١٢] ، وأدنى أحوال الساب أن يكون مغتاباً، وقال – تعالى –: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: ١] ، وقال –تعالى-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب:٥٨] . وهم صدور المؤمنين، فإنهم المواجهون بالخطاب في قوله – تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} [البقرة: ١٠٤] حيث ذكرت، ولم يكتسبوا ما يوجب أذاهم؛ لأن الله – سبحانه – رضي عنهم رضاً مطلقاً بقوله – تعالى-: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [التوبة: ١٠٠] ، فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان، ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان، وقال – تعالى-: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨] "٤.


١ مجموع الفتاوى (٢٨/٤٠٥) .
٢ منهاج السنة النبوية (٨/٣٨٩) .
٣ رواه البخاري (٣٦٣٧) ، ومسلم (٢٥٤١) .
٤ الصارم المسلول (ص: ٥٠٦) .

<<  <   >  >>