للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قولي"١.

قلت: يرحمك الله فهذا عين العدل والإنصاف، ولكن أين عقول أقوام من فهم هذا وقبوله؟!

فإن قول أبي حنيفة في مسألتنا هذه- زيادة الإيمان ونقصانه- مخالفٌ للنص قطعاً وعلى الضد له تماماً، فإن نصوص الكتاب والسنة صريحة في أن الإيمان يزيد وينقص، وأن أهله متفاضلون فيه، وأنهم ليسوا فيه سواء على درجة واحدة، وأما أقوال أبي حنيفة المأثورة عنه في هذا فصريحة بعكس ذلك.

ثم هو رحمه الله لم يتعمد الخطأ فيما أخطأ فيه، ولم يتعمد مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا، وإنما هذا ما أداه إليه اجتهاده وبلغ إليه علمه، كيف وقد قيل له أتخالف النبي صلى الله عليه وسلم؟.

فقال: "لعن الله من يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم به أكرمنا الله وبه استنقذنا"٢.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ومن ظن بأبي حنيفة أو غيره من أئمة المسلمين أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس أو غيره فقد أخطأ عليهم وتكلم إما بظن وإما بهوى، ... وقد بينا هذا في رسالة (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) ، وبينا أن أحداً من أئمة الإسلام لا يخالف حديثاً صحيحاً بغير عذر، بل لهم نحو من عشرين عذراً ... "٣.


١ انظر تخريجاً مفصلاً لهذه الروايات في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني (ص ٢٤-٢٦) .
٢ الانتقاء لابن عبد البر (ص ٧٨) ، وانظر الفتاوى لابن تيمية (٢٠/٢٣٢) .
٣ الفتاوى (٢٠/ ٣٠٤) .

<<  <   >  >>