للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصحابة والتابعين" (١) . فهو إذاً " قول محدث من غير أهل الحديث" (٢) لكنه لم يلبث أن استدرك قائلا: "وهذا لا يعني أن ما رواه العدد الكثير الذي اصطلح عليه بالمتواتر غير موجود فهو واقع فعلاً، وموجود بكثرة، وإنما نعني ما أدى إليه التقسيم من آثار على ما روي آحادا وهو أكثر" (٣) .

فالمستنكر ليس تقسيم الأخبار في حد ذاته؛ إذ لا ينتج عنه ما يخدش حجية السنة، وإنما المستنكر ما بناه بعض الناس على التقسيم، فكان لازماً بيان أن المبتدع ليس أصل التقسيم، وإنما المبتدع ما فرعوه على التقسيم من القبول أو الرد، وإلا فكثير من المصطلحات الحديثية غير معروفة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم، فهل يقال: إن تلك المصطلحات بدع غير محمودة؟!

ألا ترى أن ابن القيم رحمه الله لم ينتقد تقسيم الأخبار نفسه، وإنما انتقد تقسيم الدين إلى ما يثبت بخبر الواحد وما لا يثبت، فقال: "تقسيم الدين إلى ما يثبت بخبر الواحد وما لا يثبت به تقسيم غير مطرد، ولا منعكس، ولا عليه دليل صحيح" (٤) .

فها أنت ترى ابن القيم لم ينكر تقسيم السنة إلى متواتر وآحاد، وإنما


(١) السابق ص ٩٣.
(٢) السابق ص ٩٤.
(٣) السابق ص ٩٣.
(٤) مختصر الصواعق المرسلة ص ٤٩٥.

<<  <   >  >>