وهذا نصُّ الشافعي:"أما ما كان من نص كتاب بَيِّنٍ أو سنةٍ مجتمع عليها فالعذر فيها مقطوع، ولا يسع الشك في واحد منهما، ومن امتنع من قبوله استتيب، فأما ما كان من سنة من خبر الخاصة الذي قد يختلف الخبر فيه فيكون الخبر محتملا للتأويل، وجاء الخبر فيه من طريق الانفراد، فالحجة عندي أن يلزم العالمين حتى لا يكون لهم رد ما كان منصوصاً منه، كما يلزمهم أن يقبلوا شهادة العدول، لا أن ذلك إحاطة، كما يكون نص الكتاب وخبر العامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولو شك في هذا شاك لم نقل له تب، وقلنا: ليس لك -إن كنت عالما- أن تشك كما ليس لك إلا أن تقضي بشهادة الشهود العدول، وإن أمكن فيهم الغلط، ولكن تقضي بذلك على الظاهر من صدقهم، والله ولي ما غاب عنك منهم".
فمن هذا النص تؤخذ أمور:
أولها: أن هذه التفرقة قد تكون دليلا على أن الشافعي يقول بإفادة خبر الواحد للظن لا للعلم.
ثانيها: أن من شك في السنة المجتمع عليها كمن شك في النص القرآني فيستتاب، والظاهر أنه يقصد الاستتابة من الكفر، أما من شك في خبر الواحد فليس بكافر ولا يستتاب.
ثالثها: أنه لا يفرق من حيث الحجية بين النص القرآني والحديث المتواتر وخبر الآحاد، فالجميع عنده حجة وإن كان الاختلاف في درجة قوة الحجية.