للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإمّا عكس ذلك؛ نحو: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١)؛ فإن المستعار له كثرة الماء؛ وهو حسىّ، والمستعار منه التكبّر، والجامع الاستعلاء المفرط؛ وهما عقليان.

وباعتبار اللفظ قسمان؛ لأنه إن كان اسم جنس فأصليّة؛ كأسد وقتل، وإلا فتبعيّة (٢)؛ كالفعل، وما اشتقّ منه،

والحرف: ...

ــ

(قوله: وإما عكس ذلك) إشارة إلى القسم السادس، وهو أن يكونا مختلفين، والحسى مستعار له، والعقلى مستعار منه، كقوله تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ فالمستعار له كثرة الماء، وهو حسى، والمستعار منه التكبر، فإن الطغيان حقيقة فى التكبر، والجامع الاستعلاء المفرط، وهما عقليان، وفى إطلاق أن الجامع عقلى نظر، لأن استعلاء الماء حسى، واستعلاء التكبر عقلى، وقد مثل السكاكى وابن مالك فى المصباح لهذا القسم بقوله تعالى: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ (٣) وهو وهم، لأنه استعارة محسوس لمعقول على العكس مما ذكروه، فإن النبذ حسى والتعرض للغفلة عقلى.

الاستعارة باعتبار اللفظ قسمان: ص: (وباعتبار اللفظ قسمان إلخ).

(ش): الاستعارة تنقسم باعتبار اللفظ قسمين: أصلية، وتبعية. فالأصلية ما كان التجوز به بطريق الأصالة، والتبعية ما كان التجوز به تبعا. وضابطه أن لفظ الاستعارة إن كان اسم جنس فهى أصلية وإلا فتبعية، والمراد باسم الجنس ما وضع للذات إما للأعيان" كأسد، ورجل" أو للمعانى" كالقيام والقعود" وإنما كانت الاستعارة أصلية لأسماء الأجناس لأنها تعتمد التشبيه، والتشبيه يعتمد كون المشبه موصوفا بمشاركته للمشبه به فى وجه، فلا بد أن يكون المشبه به أيضا موصوفا، لأن المشاركة تستدعى شيئا من الطرفين. قال المصنف: وإنما يصلح للموصوفية الحقائق، كقولك:" جسم أبيض" و" بياض صاف" دون معانى الأفعال والصفات المشتقة منها والحروف. فإن قلت: فقد قيل فى نحو:" شجاع باسل"، و" جواد فياض"، و" عالم نحرير" أن باسلا وصف لشجاع، وفياضا وصف لجواد، ونحريرا وصف لعالم. قلت: ذلك متأول بأن


(١) سورة الحاقة: ١١.
(٢) أى: وإن لم يكن اللفظ المستعار اسم جنس فالاستعارة تبعية.
(٣) سورة آل عمران: ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>