للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن ذكر أحد طرفى التشبيه، وقال بعضهم: المشبه والمشبه به ههنا الريح، والمرأة وهما حسيان، والاستعارة هنا مكنية لكون المذكور هو المشبه، وهو الريح دون المشبه به، وهو المرأة، والعقيم استعارة تخييلية.

واعلم أن جميع ما تقدم هو مبنى على أن استعمال عقيم فى الريح مجاز، وقد قال الجوهرى: يقال:" رجل عقيم وريح عقيم لا تلقح سحابا ولا شجرا فيحتمل أن يكون العقم للريح حقيقة وقال الراغب: أصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر، يقال:" ريح عقيم" يصح أن يكون بمعنى فاعل، وهى التى لا تلقح سحابا ولا شجرا، ويصح أن تكون بمعنى المفعول، كالعجوز العقيم وهى التى لا تقبل أثر الخير، وإذا لم تقبل ولم تتأثر لم تعط ولم تؤثر، ومثل السكاكى أيضا لما نحن فيه بقوله تعالى: فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ (١) قال: فالمستعار له الأرض المزخرفة والمستعار منه النبات وهما حسيان، والجامع الهلاك وهو أمر عقلى قال الشيرازى: وغيره يريد أن الاستعارة هنا بالكناية لكون المشبه مذكورا دون المشبه به بقرينة، وهو الحصد. وفيه نظر، لجواز أن يكون استعارة تحقيقية مصرحا بها بأن يراد بالأرض حقيقتها، وقوله:

" حصيدا" أى نباتا حصيدا فالمشبه به فى الحكم المذكور لأن حصيدا صفته التقدير:

فجعلناها نباتا وقوله: حصيدا ولا شك أنك إذا قلت: زيد كالراقم على الماء وطرفا التشبيه مذكوران لأن تقديره: كالشخص الراقم، لا يرتاب فى ذلك، ثم إن الزمخشرى قال: التقدير: فجعلنا زرعها حصيدا، مشبه بما يحصد من الزرع، وكأن لم يغن زرعها، على حذف المضاف فى هذه المواضع لا بد منه، وإلا لم يستقم المعنى اه. وهذا يقتضى أنه لا يرى أن هذا استعارة بالكلية، ثم قول السكاكى: إن الهلاك عقلى. فيه نظر، لأن المراد به فى جانب النبات الحصد هو حسى وفى جانب الأرض زوالها وهو حسى، وإلا فأى فرق بين ذاك وبين كشف الضوء عن الظلمة، وكشف الجلد عن الشاة، وكل منهما زوال شئ، وقد جعلهما حسيين، وإن قال: إن الحسى إنما هو الإهلاك لا الهلاك، كما أن الكشف والانكشاف عقلى. قلنا: مسلم، ولكن لا تسلم أن الجامع الهلاك بل هو الإهلاك، لأنه مدلول فجعلناها حصيدا.


(١) سورة يونس: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>