للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أخو العلم حىّ خالد بعد موته (١)

وكلام المصنف واعتراضه ماش على هذا لأن العقيم صفة لا ذات وقد تقدم منا الاعتراض على ذلك بأن قولنا:" أخو العلم حى" معناه رجل حى فى صفة جارية على ذات محسوسة وتلك الذات هى المشبه به، فيكون المشبه به محسوسا، وهذا السؤال جار بعينه هنا، وفيه تأييد لما يقوله السكاكى، بل عقيم أقرب إلى أن يكون محسوسا من نحو الحى والعالم، لأن الحى مدلوله شئ له الحياة لا يدل على خصوص جسم أو غيره، وعقيم ليس مدلوله على ما ذكروه شيئا له العقم بل هو خاص بالعقيم عن الولادة، فمدلوله إنسان له العقم، فقد يقال: إنه من هذه الحيثية أقرب للدلالة على الذات، فيصح ما زعمه السكاكى ويصح بذلك قوله: المستعار له المرء، إما لأن العقيم يفيد ذلك، وإما لأنه ليس المشبه به على التحقيق، بل المشبه به المرء العقيم، والمعنى: إذ أرسلنا عليهم الريح المشبه للمرء العقيم.

واعلم أن هذا المكان أشكل على الشيرازى فمن بعده حتى قالوا: إن هذا عند السكاكى استعارة له بالكناية، فإنه ذكر المشبه وهو الريح، ولم يذكر المشبه به وهو المرء، بل ذكرت صفته وهو العقيم، وهو غلط، فإن الاستعارة بالكناية أن يراد بالمشبه المشبه به لادعاء أنه فرد من أفراد المشبه به كما تريد بالمنية السبع لادعاء أن المنية فرد من أفراد السباع، تثبت بذلك اغتيالها الذى هو صفة جنس السباع، وهذا المعنى لا يتأتى هنا لأنه ليس الغرض إثبات أن الريح فرد من جنس النساء فإن ثبوت ذلك للريح لا يفيد أنها عقيم لأن العقيم ليست صفة ثابتة للنساء مطلقا، ولا غالبا والذى أوقعهم فى ذلك قول السكاكى: إن المشبه به المرء، وهو لا يريد أن المشبه غير مذكور، بل يريد أن المشبه به المرء المستعار من لفظ العقيم على ما سبق فليتأمل، ثم قال المصنف: الحق أن المستعار منه ما فى المرأة من الصفة التى تمنع الحمل، المستعار له ما فى الريح من الصفة المانعة من إنشاء المطر وإلقاح الشجر والجامع لهما ما ذكر وهو المنع من ظهور الشجر اه. وفيه نظر؛ لأن المستعار منه وهو اللفظ المجازى المسمى بالاستعارة وهو هنا لفظ عقيم فكيف يجعل المستعار له الصفة وهى لم تذكر، والاستعارة عبارة


(١) شطر البيت بلا نسبة فى عقود الجمان ٢/ ٨ وتمام البيت:
أخو العلم حى خالد بعد موته ... وأوصاله تحت التراب رميم

<<  <  ج: ص:  >  >>