للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لفظى على ما يعرفه من نظر كلامهم، ولو كان تأكيدا لفظيا لما فصل بالعاطف، وتسمية النحاة لمثل ذلك تأكيدا مجاز أو على ما أردناه، وفى خصوص الآية الكريمة لو كان توكيدا لما فصل بينه وبين متبوعه بقوله تعالى: وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ فإن قلت: اتقوا الثانية معطوفة على ولتنظر، قلت: قد اتفقوا على أن وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (١) معطوف على لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ لا على قوله وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وهو نظير ما نحن فيه، وقوله تعالى: يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (٢) وقوله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ (٣) يحتمل أن يكون اصطفاءين وذكرين، وهو الأولى فى الذكر؛ لأنه محل طلب فيه تكرار الذكر، والظاهر أنه ليس مما نحن فيه، وكفاك دليلا على ما ذكرناه قول الآمدى وغيره ممن لا أحصيهم عددا أن نحو: صم يوم الجمعة وصم يوم الجمعة، صحيح، ويكون أمرا مرتين، ونحو صل ركعتين وصل ركعتين، هل هو تأسيس أو تأكيد؟ قولان: لا يقال: تكرير ذلك تحصيل الحاصل؛ لأنا نقول: طلب الشئ مرتين ليس تحصيلا للحاصل بل طلب بعد طلب كما يدعو الإنسان ربه بالمغفرة مرارا كثيرة، نعم إنما يمتنع ذلك فيما يلزم فيه تحصيل الحاصل، وهو الإنشاء غير الطلبى مثل: أنت طالق وأنت طالق، فإنه ثبت عليه أثره بالأول فلا يمكن إنشاء إيقاع تلك الطلقة بعد وقوعها وكذلك الخبر قد يقصد الإخبار به مرتين وقد أمر الله تعالى فى كتابه العزيز بالصلاة غير مرة، (فإن قلت): فيحصل بذلك الالتباس؛ فإن العطف يقتضى المغايرة فيظن أن المأمور به ثانيا والمخبر به ثانيا غير الأول.

(قلت): إنما أقول به حيث لا إبهام لقرينة أو لأن ذلك الشئ لا يقبل التكرار كما سبق فليتأمل ما ذكرناه فإنه تحقيق شريف.

القسم الثانى: الاتحاد بالشخص فى المسند فقط نحو: زيد يكتب وأخوه يكتب، هذا القسم مستحيل؛ لأنه متى اتحد المسند بالشخص لزم اتحاد المسند إليه لاستحالة أن يصدر الفعل الواحد بالشخص من اثنين، هذا القسم لا يأتى فى الاتحاد بالشخص؛ بل بالنوع - فتأمله - فقد غلطوا فيه.


(١) سورة البقرة: ٨٣.
(٢) سورة آل عمران: ٤٢.
(٣) سورة البقرة: ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>