للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١) يحتمل أن يكون منه وأن يكون من المتماثلين على ما سيأتى، ومنه قول الشاعر:

ألا يا اسلمى ثمّ اسلمى ثمّت اسلمى (٢)

وانظر لقول ابن مالك فى التسهيل الأجود فى مثل ذلك الوصل ليت شعرى لو كان تأكيدا لفظيا كيف يقول الأجود الوصل؟ وما الذى يسلب قول الإنسان: اسلمى اسلمى الجودة وهو تأكيد لفظى لو كان غير جيد لكان كل تأكيد لفظى كذلك، إنما يريد - والله تعالى أعلم - ما قلناه، فإذا قلت: سوف تعلم ثم سوف تعلم كان أجود منه بغير عطف؛ لأنه بالعطف لا يكون خبرا مؤكدا بل خبرين، وبدون العطف يكون تأكيدا وخبرا واحدا وهو أجود لجريه على غالب استعمال التأكيد ولعدم احتماله لتعدد المخبر به، ولتعلم أن التأكيد بينه وبين التابع خصوص وعموم من وجه، فإن قلت: هذا ثبت فى العطف بثم فلا أسلمه فى غيرها، قلت: إذا ثبت مع ثم مع دلالتها على التراخى فإن الواقع بعدها فى زمن غير الواقع قبلها المستلزم للتغاير المفقود المخبر به فيما نحن فيه فلأن يعطف بالواو، وهى لا تقتضى ترتيبا أولى، فإن قلت: هذا قياس فى اللغة وهو ممتنع أو لعل ما ورد من ذلك عطف فيه الإخبار أى ثم أخبركم، قلت: أطلق بدر الدين بن مالك فى شرح الألفية أن الجملة التأكيدية قد توصل بعاطف ولم تختص به، وإن كان ظاهر كلام والده التخصيص ثم يكفيك فى جواز ذلك بالواو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ (٣) فإن الزمخشرى وابن النحاس والإمام فخر الدين والشيخ عز الدين بن عبد السّلام ذكروا أن المأمور به فيهما واحد ورجحوا ذلك على احتمال أن تكون التقوى الأولى مصروفة لشئ غير التقوى الثانية مع إمكان إرادته. فإن قلت:

قد قالوا: إنه تأكيد، قلت: يريدون ما ذكرناه من تأكيد المأمورية بتكرير الإنشاء لا أنه تأكيد


(١) سورة المدثر: ١٩.
(٢) صدر البيت من الطويل وهو لحميد بن ثور فى ديوانه ص: ١٣٣. وبلا نسبة فى رصف المبانى ص:
٤٥٣، وشرح المفصل ٣/ ٣٩. وعجزه (ثلاث تحيات وإن لم تكلم).
(٣) سورة الحشر: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>