للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا القسم لم يبين امتناعه، (قلت): قد تقدم من المصنف موافقة السكاكى على أن الله يستهزئ بهم لا يصح عطفه على قالوا ولا يصح على إِنَّا مَعَكُمْ فيبطل أن يكون مراد المصنف بالجملة المصدرة بالظرف الجواب كما توهم بعضهم، ولا يجوز أن يكون أراد عطفه على خَلَوْا لوضوح فساده إذ يصير التقدير قالوا ذلك وقت خلوهم ووقت استهزاء الله بهم فيلزم ما فر منه فيما سبق من تقييد استهزاء الله بهم بالظرف ويصير المعنى: إذا استهزأ الله بهم، قالوا: والمعنى على العكس إذا قالوا: استهزأ الله بهم أى:

عذبهم أو يلزم عطف الاسمية على الفعلية وهو إن جاز مستهجن - كما سيأتى - وإن أراد أنه معطوف على الظرف وما أضيف إليه وهو قوله تعالى: وَإِذا خَلَوْا (١) وكذلك أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ من قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا (٢) قال الخطيبى: فهو ظاهر الفساد؛ لأنها معطوفة إما على يَكْذِبُونَ أو على جملة يَقُولُ من قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ (٣) فيصير التقدير من أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وكذلك أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ قال: وأما فى قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ فالنظر صحيح يعنى: لأنه يصح عطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على يَكْذِبُونَ وعلى يَقُولُ التقدير: ومن الناس من الله يستهزئ بهم أو بما كانوا الله يستهزئ بهم وهذا الذى قال الخطيبى بعيد أعنى: عطف الله يستهزئ بهم على يكذبون؛ لأن الجملتين مختلفتان فى الاسمية والفعلية؛ ولأن استهزاء الله هو عذابه وهو معلول للتكذيب فكيف يعطف على علته؟ فيلزم انقلاب المعلول علة فهذا فساد من جهة المعنى ويفسد ما ذكره المصنف من جهة التركيب فى الآيات الثلاث أن جملة الظرف معمولة للجواب، فيلزم أن يكون قالوا عاملا فى اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ كما أنه عامل فى متبوعها وهو إذا خلوا فكيف يكون اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ معمولا ل قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إلا أن يقول: هو معطوف على جملة

الشرط وجوابها معا، أحدهما: تقديرا، والآخر: تحقيقا، وحاصله أن عطفها على إِنَّا مَعَكُمْ متعذر؛ لعدم المقتضى وعلى الظرف وما بعده أو على جوابه أو على خَلَوْا ممتنع؛ لوجود المانع.


(١) سورة البقرة: ١٤.
(٢) سورة البقرة: ١١.
(٣) سورة البقرة: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>