للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

له دليلا لأنه ما من محل يدعى فيه ذلك إلا جاز أن يكون القلب فيه معنويا، وإن كان الخلاف فى القلب المعنوى فينبغى القطع بجوازه ولا شبهة لمنعه، ومن يمنع المجاز مع العلاقة الواضحة إلا من شذ؟! وظاهر كلام النحاة جريان قولين بالمنع والجواز مطلقين، وأن القول الثالث السابق مفصل بين اللفظى فيمتنع والمعنوى فيجوز،

والظاهر أنه لا تحقيق له وأن الخلاف منزل على حالتين، وكذلك الأقوال التى حكاها المصنف فيها نظر، فإنه لا يكاد أحد يمنع ذلك مطلقا، وكيف ينكر قلب التشبيه وقد جزم به المصنف كما سيأتى؟! وقد وقع فى قوله تعالى: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ (١) وقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا (٢) وقوله تعالى: لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ (٣) وقال ابن السكيت فى قوله تعالى: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ (٤) معناه خلق العجل من الإنسان. ثم فى صحيح البخارى فى قوله تعالى:

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ (٥) أن المعنى إذا استعذت فاقرأ. وقوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ (٦) وسيأتى الكلام على هذه الآية الكريمة فى باب قلب التشبيه من علم البيان.

(تنبيه): قوله تعالى: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ (٧) جعله الزمخشرى من القلب مثل: عرضت الناقة على الحوض، وأنكره شيخنا أبو حيان وقال: لا ينبغى حمل القرآن على القلب إذ الصحيح أنه ضرورة، وإذا كان المعنى صحيحا دونه فما الحامل عليه؟! وليس فى قولهم: عرضت الناقة على الحوض ما يدل على القلب، لأن عرض الناقة على الحوض والحوض على الناقة صحيحان.

قلت: لم ينفرد الزمخشرى بجعل عرضت الناقة على الحوض مقلوبا، بل ذكره الجوهرى وغيره، وحكمته أن المعروض ليس له اختيار، والاختيار إنما هو للمعروض عليه فإنه قد يقبل وقد يرد، فعرض الحوض على الناقة لا قلب فيه، لأنها تقبله وقد ترده، وعرضها عليه مقلوب لفظا، وعرض الكفار على النار كما قال ابن


(١) سورة النحل: ١٧.
(٢) سورة البقرة: ٢٧٥.
(٣) سورة الأحزاب: ٣٢.
(٤) سورة الأنبياء: ٣٧.
(٥) سورة النحل: ٩٨.
(٦) سورة الجاثية: ٢٣.
(٧) سورة الأحقاف: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>