للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه: التعبير عن المستقبل بلفظ الماضى؛ تنبيها على تحقّق وقوعه؛ نحو: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ (١)، ومثله: وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٢) ونحوه: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ (٣).

ــ

ص: (ومنه التعبير عن المستقبل إلخ).

(ش): من خلاف المقتضى التعبير عن المستقبل بلفظ الفعل الماضى كقوله تعالى:

وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ (٤) الآية. وفى نسخ التلخيص فصعق، وهو من طغيان القلم. وفى آية الزمر: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ وكذلك: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ (٥) وقوله تعالى: وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ (٦) ودخل عبد الرحمن بن حسان عليه وقد لسعه زنبور وهو طفل فقال وهو يبكى: لسعنى طوير كأنه ملتف فى بردى حبرة؛ فضمه إلى صدره وقال: يا بنى قد قلت الشعر!

واعلم أن ما ورد من ذلك على قسمين: تارة يجعل المتوقع فيه كالواقع فيؤتى بالأمر المستقبل بصيغة الفعل الماضى مرادا به المضى تنزيلا للمتوقع منزلة ما وقع فلا يكون تعبيرا عن المستقبل بلفظ الماضى بل يكون فيه جعل المستقبل ماضيا، ومنه قوله تعالى:

أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ (٧)، وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ (٨) ونحوه، فإما أن يريد بأتى أتت مقدماته فيكون التجوز حصل فى الفعل باعتبار الحدث لا باعتبار الزمان، وإما أن يريد بالادعاء أن الإتيان المستقبل وقع فى الماضى، وهو أبلغ من الأول وتارة يعبر عن المستقبل بالماضى مرادا به المستقبل فهو مجاز لفظى وحصل التجوز فى هيئة الفعل من غير أن تكون أردت وقوعه فى الماضى، وذلك احتمال مرجوح فى نحو:

ونادى، وإن كان مشهورا فإن المعنى على الأول أمكن وأنصع، ويتعين للقسم الثانى نحو: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ (٩) لا يمكن أن يراد به المضى لمنافاة ينفخ الذى هو مستقبل فى الواقع فى الإرادة، ويحتمل أن يراد أنهم لمبادرتهم النفخ بالصعق كأن


(١) سورة الزمر: ٦٨.
(٢) سورة الذاريات: ٦.
(٣) سورة هود: ١٠٣.
(٤) سورة النمل: ٨٧.
(٥) سورة الكهف: ٤٧.
(٦) سورة الأعراف: ٤٨.
(٧) سورة النحل: ١.
(٨) سورة الأعراف: ٤٤.
(٩) سورة النمل: ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>