للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو السائل بغير ما يتطلّب؛ بتنزيل سؤاله منزلة غيره؛ تنبيها على أنه الأولى بحاله، أو المهمّ له؛ كقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ (١)، وكقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (٢).

ــ

ص: (أو السائل إلخ).

(ش): القسم الثانى من هذا الباب تلقى السائل بغير ما يتطلب، وذلك بتنزيل سؤاله منزلة غيره تنبيها على أنه الأولى بحاله أو المهم، وعندى أن هذا من القسم الأول إلا أن فيه سؤالا فهو أخص من هذا الوجه وأعم باعتبار أنه ليس فيه حمل الكلام على غير ظاهره، فهو بهذا الاعتبار أجدر بأن يمثل له لا الذى قبله بقوله: أتت تشتكى - البيتين - وحاصله يرجع إلى العدول عن الجواب إلى غيره كقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ لما قالوا: ما بال الهلال يبدو دقيقا ثم يتزايد حتى يستوى ثم ينقص حتى يعود كما بدا! وكقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ الآية. والسبب فى هذا تنبيه السائل على أنه كان الأحرى به أو الأهم

أن يسأل عما وقع الجواب عنه، وقد ورد عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه جاء عمرو بن الجموح - وهو شيخ كبير له مال عظيم - فقال: ماذا ننفق من أموالنا؟ وأين نضعها؟ فنزلت (٣) فعلى هذا ليست هذه الآية مما نحن فيه، لأن السائل لم يتلق بغير ما يتطلب بل أجيب عن بعض ما سأل عنه، ومن ذلك أجوبة موسى عليه الصلاة والسّلام لفرعون: قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (٤) إلى آخرها، وآية الأهلة مثال لما كان السؤال فيه وقع عما لا حاجة لهم إليه مع ترك ما هم محتاجون له إشارة إلى أنه كان من حقهم أن يسألوا عن مواقيت الحج لا عن كبر الهلال وصغره إذ لا فائدة تحته، وآية الإنفاق مثال لما سألوا عنه وكان مهما إلا أن غيره أهم منه، كذا قالوه وفيه نظر.


(١) سورة البقرة: ١٧٩.
(٢) سورة البقرة: ٢١٥.
(٣) أخرج ابن المنذر عن ابن حبان قال:" إن عمرو بن الجموح سأل النبى صلّى الله عليه وسلّم: ماذا ننفق من أموالنا؟ وأين نضعها؟ فنزلت: يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ ... * الآية فهذا موضع نفقة أموالكم". ورد بهذا اللفظ كما فى" الدر المنثور"، (١/ ٤٣٧).
(٤) سورة الشعراء: ٢٣، ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>