للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن خلاف المقتضى: المخاطب بغير ما يترقّب بحمل كلامه على خلاف مراده، تنبيها على أنه هو الأولى بالقصد؛ كقول القبعثرى للحجّاج - وقد قال له متوعّدا: لأحملنّك على الأدهم! -: مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب!

خ خ (١) أى: من كان مثل الأمير فى السلطان وبسطة اليد، فجدير بأن يصفد لا أن يصفد (٢).

ــ

بعد أَنْعَمْتَ فإن المعنى غير الذى غضب عليهم، وفيه نظر، ونحن إذا كنا توقفنا فى أن الانتقال إلى الاسم الجامد التفات فهذا أولى لأن الفاعل فى المغضوب مثلا لم يذكر بالكلية فكيف يقال: انتقلنا إليه على سبيل الالتفات؟! وإن صح ذلك فعلى رأى السكاكى يلزمه أن تكون جميع الأفعال المبنية للمفعول فيها التفات.

(تنبيه): توهم بعضهم أن فى نحو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا (٣) التفاتا، وليس كذلك، لأنه إذا أراد التفات اركعوا عن آمنوا لم يصح، لأن الصلة يأتى ضميرها غائبا، وإن كان المراد المخاطب لم يصح لأن لها لفظا ومعنى كما تقول: أنت الذى قام وأنت الذى قمت، وإن أراد التفات اركعوا عن الذين فإن الذين أسلوب غيبة والمنادى أسلوب غيبة لم يصح، لأن المنادى مخاطب فى المعنى فإن الإقبال عليه بالنداء كذكر ضميره، ولهذا يجوز أن تقول: يا تميم كلكم، وهذا قريب مما توهمه شيخنا أبو حيان فى قوله:

أأنت الهلالىّ الّذى كنت مرّة ... سمعنا به ...

(تنبيه): مما هو قريب من الالتفات وليس منه إذ ليس فيه انتقال من أحد الأساليب الثلاثة لغيره الانتقال من أحد أساليب ثلاثة، وهى التثنية والجمع والإفراد، إلى الآخر، وأقسامه كالالتفات ستة من أسلوب لأسلوب، وسيأتى الكلام عليه إن شاء الله تعالى.

ص: (ومن خلاف المقتضى تلقى المخاطب إلخ).

(ش): هذا هو الذى سماه السكاكى الأسلوب الحكيم، وسماه الشيخ عبد القاهر مغالطة، وهو من خلاف المقتضى بالفتح، أى مقتضى الظاهر، وهو قسمان:


(١) فحمل الأدهم فى كلام الحجاج على الفرس الأدهم - وهو الذى غلب سواده حتى ذهب البياض الذى فيه - وضم إليه الأشهب أى الذى غلب بياضه حتى ذهب سواده، ومراد الحجاج إنما هو القيد، فنبه القبعثرى على أن الحمل على الفرس الأدهم هو الأولى بأن يقصده الأمير.
(٢) يصفد كيكرم: بمعنى يعطى، ويصفد كيضرب بمعنى يقيد لكنه فى ط الحلبى: فجدير بأن يصعد لا أن يصفد فليراجع!.
(٣) سورة الحج: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>