للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَبِينا (١) وأما وضع المضمر موضع الظاهر فينفرد عن الالتفات فى نحو: نعم رجلا زيد وربه رجلا لأن الضمير والظاهر كلاهما على أسلوب الغيبة، وينفرد الالتفات عنه كثيرا نحو: إِيَّاكَ نَعْبُدُ (٢) ونحو: (وبات وباتت له ليلة) ويجتمعان فى نحو: قول الخليفة: نعم الرجل أمير المؤمنين. وأما على رأى السكاكى فوضع الظاهر موضع المضمر والالتفات قد يجتمعان مثل: فَصَلِّ لِرَبِّكَ (٣) وقد ينفرد الالتفات، وهو الغالب مثل: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وقد ينفرد وضع الظاهر مثل:

الْحَمْدُ لِلَّهِ (٤) ونحو: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ (٥) ووضع المضمر موضع الظاهر لا يجتمع مع الالتفات، لأن الالتفات لا بد فيه من ضمير سابق يلتفت عنه ومع ذلك فلا موقع للظاهر، ولكن ينفرد وضع المضمر فى نعم رجلا زيد، وينفرد الالتفات فى غير ذلك.

الرابع: فى أن الالتفات حقيقة أو مجاز: إذا تأملت ما سبق علمت أنه حقيقة حيث كان معه تجريد وحيث لم يكن فسنتكلم إن شاء الله على كون التجريد حقيقة أو لا فى موضعه، وإذا تأملت ما حققناه وعرضت لك فيه وقفة فراجع ما ذكره السكاكى من أسباب الالتفات فى أبيات امرئ القيس يتضح لك ما قلناه، وقد صرح فى أثناء كلامه بلفظ التجريد، وصرح الخطيبى فى باب التجريد أن الالتفات تجريد، والتحقيق ما تقدم من التفصيل.

(تنبيه): قالوا: لا يكون الالتفات إلا فى جملتين، وقد صرح بذلك الزمخشرى فى أوائل تفسيره، والظاهر أنهم إنما يريدون بالجملتين الكلامين المستقلين حتى يمتنع الالتفات بين الشرط وجوابه مثلا وكلام البيانيين فى إيجاز الحذف وغيره يبين أنهم إنما يريدون بالجملة الكلام المستقل بنفسه، فأما قول الشاعر:

أأنت الهلالىّ الّذى كنت مرّة ... سمعنا به والأرحبىّ المغلّب (٦)


(١) سورة يوسف: ٨.
(٢) سورة الفاتحة: ٥.
(٣) سورة الكوثر: ٢.
(٤) سورة الفاتحة: ٢.
(٥) سورة فاطر: ٩.
(٦) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى الدرر ١/ ٢٨٣، ورصف المبانى ص ٢٦، والمغرب ١/ ٦٣، وهمع الهوامع ١/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>