والمجتهدين على شتى المستويات شمولا واستقصاء وترتيبا.
٣ - الحرص على تجاوز كل النقائص التي وجدت في المصنفات السابقة من حيث المنهج أو النقد أو العرض والترتيب.
ثم كان لكل واحد منها خصائص لا يشاركه غيره فيها جعلت لبعضها من القيمة ما لا يوجد إلا لها. ويصدق هذا بشكل خاص على سنن أبي داود رحمه الله التي اعتبرت مؤلفا أساسيا في السنة النبوية لا يمكن الاستغناء عنه بحال، قال الإمام الخطابي مبينا مرتبة هذا الكتاب وأهميته وموقف الأئمة منه:"واعلموا رحمكم الله أن كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في علم الدين مثله، وقد رُزِقَ القبول من الناس كافة، فصار حكما بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، فلكل فيه ورد ومنه شرب وعليه مُعَوَّلُ أهل العراق وأهل مصر وبلاد المغرب وكثير من مدن وأقطار الأرض"(١) .
وقد انبنى إقبال العلماء على الكتاب على المرتكزات الآتية:
١ - سَبْقُ أبي داود إلى تأليف السنن، أو بعبارة أصح: سَبْقُه إلى جمع السنن على سبيل الاستقصاء، وليس مجرد التأليف في حد ذاته، لأنه سبق أبا داود إليه غيره بمدة طويلة سواء في هذا القرن أو الذي مضى كابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز (ت١٥٠هـ) وأبي مرة موسى بن طارق اليماني الزبيدي القاضي، والإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت٢٠٤هـ) وأبي عثمان سعيد بن منصور (ت٢٢٧هـ) وأبي عمرو سهل بن أبي سهل زنجلة (ت٢٤٠هـ) وأبي علي الحسن بن علي الخلال (ت٢٤٢هـ) وأبي جعفر