لأن المشتري لا يدعي جواز العقد، والبائع يدعي فساد العقد؛ لأنه يقول: العلوق كان مني وقد بعت أم الولد فلم يصح البيع، والقول قول من يدعي الصحة، ألا ترى أنهما إذا اختلفا في تاريخ الشراء بعدما ولدت الجارية في يد المشتري وادعاه البائع، فقال المشتري: اشتريتها منذ ستة أشهر أو أكثر، وقال البائع: لا بل اشتريتها مني منذ شهر، فالقول قول المشتري؛ لأنه يدعي جواز العقد كذا ههنا.
والجواب: وهو الفرق بين المسألتين أن في مسألتنا سبب الفساد ثبت بدليله، فكان القول قول من يدعي الفساد كما لو ثبت سبب الفساد بالبينة.
بيانه: وهو أن سبب الفساد علوق هذا الولد من جهة البائع، وقد ثبت ذلك بقول البائع؛ لأن الظاهر يشهد للبائع؛ لأنه هو الممكن بالوطء دون غيره بخلاف ما لو اختلفا في التاريخ؛ لأن هناك سبب الفساد لم يكن ثابتاً بدليله؛ لأن سبب الفساد هناك ما يدعيه البائع من التاريخ، ولم يثبت ذلك بقوله؛ لأن الظاهر لا يشهد للبائع أنه باع منذ شهر، وما لم يثبت سبب الفساد بدليل، فالقول قول من يدعي الجواز.
وإن أقاما البينة فالبينة بينة البائع؛ لأن البائع يثبت تاريخاً سابقاً في ملكه على العلوق وملكه حقه، فتقبل بينته في سبق التاريخ في ذلك، ولا شك في هذا على قول أبي يوسف، واختلف المشايخ على قول محمد، منهم من قال: قوله هكذا، ومنهم من قال على قوله: البينة بينة المشتري؛ لأنه هو المحتاج إلى إقامة البينة.
وأصل هذا فيما إذا اختلفا في التاريخ وقد ولدت الجارية في يد المشتري بعد البيع بيوم وادعاه البائع، فقال المشتري: لم تحبل عندك، وإنما اشتريتها قبل أن تبيعها مني قبل شهر، وقال البائع: لا، بل اشتريتها منذ سنة، فالقول قول البائع، فإن أقاما جميعاً البينة، فالبينة بينة البائع عند أبي يوسف؛ لأن البائع ببينته يثبت حصول العلوق في ملكه، وثبوت حق استلحاق النسب، وعند محمد البينة بينة المشتري؛ لأنه هو المحتاج إلى إثبات التاريخ في شرائه بالبينة ليثبت أن (٢٢٩ب٤) شراءه كان منذ سنة، فيمتنع له صحة دعوى البائع.
وإذا ولدت الجارية المبيعة ابنة من ستة أشهر من وقت البيع، ثم ولدت الابنة ابناً، فأعتق المشتري ابن الابنة، ثم ادعى البائع نسب البنت، فإنه تصح دعوته؛ لأن علوق البنت كان متصلاً بملكه، وإذا صحت دعوته في حق البنت صحت في حق ابنها على (أن) يبطل عتق المشتري؛ لأن من ضرورة حرية الأم من الأصل حرية الولد، لأنه لا يتصور أن تكون الأم حرة الأصل، وولدها يكون رقيقاً؛ بخلاف ما إذا ادعى البائع الابن بعدما أعتق المشتري الأم حيث لا يبطل إعتاق المشتري في الأم إذ ليس من ضرورة كون الولد حر الأصل أن تكون الأم أم الولد كما في ولد المغرور.
وإذا حبلت الأمة وولدت في يد مولاها، فباعها المولى دون ولدها، وقبض ثمنها، ثم زوجها المشتري عبداً له فولدت ولداً، ثم مات العبد عنها، فوطئها المشتري بعد انقضاء العدة، فجاءت بولد وادعاه المشتري، ثم إن البائع ادعى الولد الذي عنده صحت