للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلوق بملكه ولا حكماً، فإنه لو ادعاه غير البائع صحت دعوته، ولا بد لصحة الدعوى من اتصال العلوق بملك المدعي إما حقيقة أو حكماً.

إذا ولدت المبيعة في يد المشتري لأقل من ستة أشهر من وقت البيع، فشهد شاهدان أن البائع ادعى هذا الولد، والبائع ينكر، فإن كان المشتري يدعي ذلك، فالشهادة مقبولة؛ لأنها قامت عن دعوى صحيحة؛ لأن المشتري بهذه الدعوى يدعي استحقاق الثمن على البائع، وإن كان المشتري لا يدعي ذلك؛ فإن كان الولد أنثى، فكذلك الجواب تقبل الشهادة، لأن هذه شهادة قامت على عتق الأمة في حق الولد والأم جميعاً.

وإن كان الولد ذكراً فكذلك الجواب عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تقبل هذه الشهادة، لأن عندهما الشهادة قائمة على عتق العبد، فتقبل بدون الدعوى. وأما على قول أبي حنيفة؛ وإن كان ينبغي أن لا تقبل هذه الشهادة لا في حق الولد؛ لأن الشهادة على عتق العبد عنده بدون الدعوى غير مقبولة، ولا في حق الجارية لأن حق الجارية في هذا الباب تبع، وإلى هذا مال بعض المشايخ.

وبعضهم قالوا: لا، بل هذه الشهادة مقبولة عند أبي حنيفة أيضاً، لأن هذه الشهادة وإن قامت على عتق العبد إلا أنها تضمنت حرمة الفرج، لأن عتق الأم مضاف إلى عتق الولد الثابت بالشهادة، وكانت بمنزلة الشهادة القائمة على عتق الأمة، حتى لو كانت الأم ميتة لا تقبل هذه الشهادة عند أبي حنيفة؛ لأنها لا تتضمن حرمة الفرج، فلم تكن بمنزلة الشهادة القائمة على عتق الأمة، وإلى هذا مال شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده.

وقال بعضهم: لا بل هذه الشهادة مقبولة عند أبي حنيفة وإن كانت الأم ميتة؛ إذ ليس المقصود ههنا عتق الولد، وإنما المقصود ثبوت النسب والعتق بناء عليه، ويجوز أن يثبت النسب بالشهادة من غير دعوى، كالولد إذا ولد وتصادق الزوجان أن النكاح بينهما منذ شهر فشهد الشهود أن النكاح منذ ستة أشهر أو أكثر، فإنه يثبت النسب بهذه الشهادة، وإن انعدم الدعوى، وإلى هذا مال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله.

إذا باع الرجل من آخر جارية ثم ادعى أنها حامل وأن الحمل منه، فإنه لا تصح دعوته في الحال بل تكون موقوفة، وإن أريته النساء فقلن: بها حبل أو صدقه المشتري في دعوى الحمل، وهذا لأن من شرط صحة دعوى البائع اتصال العلوق بملكه بيقين، ولا يقين في الحال لجواز أنها لا تلد لأقل من ستة أشهر من وقت البيع فيتوقف فيه، وإن جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر ظهر أن العلوق كان في ملكه وأن دعواه كانت صحيحة، أو إن جاءت بالولد لستة أشهر فصاعداً تبين أن العلوق لم يكن في ملكه، وأن دعواه لم تصح.

فإن ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت البيع، فقال المشتري: أصل الحبل لم يكن في ملكك إنما اشتريتها وهي حامل، وقال البائع: لا بل أصل الحبل كان في ملكي، فالقول قول البائع؛ لأنا تيقنا أنها كانت حاملاً في يد البائع، فبعد ذلك المشتري يدعي تاريخاً سابقاً في العلوق والبائع ينكر ذلك، وكان ينبغي أن يكون القول قول المشتري؛

<<  <  ج: ص:  >  >>