بشر عن أبي يوسف قال: قال أبو حنيفة رحمه الله: امرأة أقرت بعد وفاة زوجها أنه كان طلقها ثلاثاً في مرض موته، وأنه لم تنقض عدتها حتى مات، وقالت الورثة: طلقك في حالة الصحة فالقول قول المرأة، والمسألة في كتاب الطلاق، وإنما أوردنا ههنا لزيادة تفريع لم يذكرها ثمة، فقال: لو أقاموا بينة ووقتوا وقتاً واحداً وشهدت بينة الورثة أنه كان صحيحاً يومئذ، أخذت ببينة الورثة.
وفي «نوادر هشام» قال: سألت محمداً عن رجل في يديه ثوب قال له رجل: بعتك هذا الثوب بخمسين درهماً وقال صاحب اليد: وهبته لي فالقول قوله، ولا يلزمه الخمسون.
وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف: رجل اشترى من رجل عبداً وقبضه ونقده الثمن ثم أقر بعد ذلك بالعبد للبائع فقال: هذا العبد لفلان فأراد البائع أن يقبضه، وقال: العبد عبدي، فقال المقر: أنا بعتك العبد بألف درهم فالقول قوله، قال: من قبل أن العبد وصل إلى المقر من قبل المقر له فيكون القول فيه قول المقر، قال: ولا يشبه هذا إقرار الرجل بعبد في يديه لرجل لم يصل ذلك العبد إلى المقر من قبل المقر له.
قال: وكذلك رجل أقر بعبد لرجل أمس، وأقر المقر له بالعبد اليوم للمقر الأول، فقال المقر له الثاني: العبد عبدي، وقال المقر الثاني: إنما أقررت بذلك، لأني بعته منك وإنما وصل إلي من قبلك، فالقول قوله ولا يأخذه إلا بالثمن، وإذا ادعى على آخر عرصة كذا بالميراث، وقضى القاضي للمدعي بالعرصة ببينة أقامها، ثم اختلف المقضي له بالعرصة والمقضي عليه بالعرصة في الأشجار والسكنى، ولا بينة لواحد منهما، فقيل: القول قول المقضي عليه بالعرصة؛ لأنه صاحب يد في الأشجار والسكنى حقيقة، وقيل: القول قول المقضي له بالعرصة؛ لأنهما اختلفا فيما هو متصل بملك المقضي له، وهو الأرض فيكون صاحب اليد فيما اختلفا هو المقضي له بالعرصة.
أقر الرجل لوارثه بشيء ومات المقر، ثم اختلف المقر له وباقي الورثة، فقال المقر له: أقر في حالة الصحة وقال باقي الورثة: أقر في حالة المرض فالقول قول باقي الورثة؛ لأن الاستحقاق يقع عليهم، وإن أقاما البينة فالبينة بينة المقر له، فإن لم يكن للمقر له بينة وأراد استحلاف باقي الورثة فله ذلك.
أشار إلى هذه الفصول في أول وصايا «الجامع الصغير» في باب اعتبار حال الوصية. فقال: مريض أوصى لرجل بوصية ومات، واتفق الوارث والموصى له أنه قد كان أعتق هذا العبد فقال الوارث أعتقه في المرض وقال الموصى له: أعتقه في الصحة فالقول قول الورثة إلى تمام المسألة.
رجل مات وترك ابنة وأخاً ومتاعاً فقالت البنت: المتاع كله لي، وقد كان اشتراه الأب لي من مالي بأمري، والأخ يقول: الأمتعة كلها للميت فالقول قول الأخ؛ لأن البنت تدعي وكالة الأب في الشراء والأخ ينكر، ألا ترى أنه لو كان الأب حياً وقع الاختلاف بينه وبين البنت في الأمتعة؟ فقالت البنت: كنت وكيلي في شراء هذه الأمتعة،