للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله؛ لأن الاستحلاف مفيد؛ لأنه لو أقر للثاني يضمن للثاني لتركه الحفظ الملتزم بعقد الوديعة في حق الثاني؛ لأن الابن ليس بمودع بل حصل المال أمانة في يده، وفي مثله لا يجب الضمان بترك الحفظ فلم يكن في الاستحلاف فائدة ها هنا، فلا يستحلف.

قالوا: وهذا إذا لم يكن في يدي الابن شيء من تركة الأب سوى هذا العبد يستحلف للثاني عند محمد رحمه الله؛ لأنه يصح إقراره للثاني فيستحلف له أيضاً وهذا؛ لأن المدعي يدعي على الميت تجهيل الوديعة وتجهيل الوديعة سبب وجوب الضمان، فكان هذا الدعوى الدين على الميت وإقرار الوارث بالدين على الميت إذا كان في يده شيء من التركة صحيح، فيستحلف وإذا نكل يقضى عليه بنكوله ويؤخذ ذلك مما في يده ولو كان دعوى هذا العبد؛ لأنه لو أقر للثاني في هذه الصورة لا يصح إقراره ولا يضمن له شيئاً؛ لأنه ليس بغاصب حتى يضمن للثاني بالأخذ السابق والتسليم ما كان عن اختيار، فلهذا لا يضمن للثاني، وإذا لم يكن عليه ضمان للثاني لم يكن استحلافه للثاني مفيداً فلا يستحلف له، وإذا ادعى على عبد محجور عليه مالاً أو حقاً من الحقوق فالخصم في ذلك العبد حتى كان للمدعي حق إحضاره، فإذا أحضر وأنكر دعواه فله أن يستحلفه أما إذا كان المدعى به مالاً يؤاخذ العبد به في الحال كدين الاستهلاك وما أشبهه، فظاهر؛ لأن دين الاستهلاك ظاهر في حق المولى حتى يباع العبد فيه فصار كدين التجارة في حق المأذون وأما إذا كان مالاً يؤاخذ به العبد للحال وإنما يؤاخذ به بعد العتق كدين الكفالة وكمهر امرأة تزوجها بغير إذن المولى، ودخل بها فلأنه يدعي عليه معنى لو أقر به يلزمه وأنه يؤاخذ به بعد العتق، فإذا أنكر يستحلف رجاء النكول، فإن حلف برأ عن الدعوى، وإن نكل ثبت الحق ويصبر المدعي إلى أن يعتق، هكذا ذكر الخصاف في «أدب القاضي» .

قال الصدر الشهيد رحمه الله: وتصير مسألة العبد المحجور رواية في الدين المؤجل إذا ادعاه صاحب الدين وأنكره المديون، فأراد صاحب الدين أن يحلفه هل له ذلك؟ فقد اختلف المشايخ فيه:

بعضهم قالوا: يحلف استدلالاً بمسألة العبد المحجور، فإنه في الموضعين جميعاً المال واجب في الحال وإنما ما جرت المطالبة وهكذا روي عن أبي يوسف ومحمد وقد ذكرنا روايتهما في صدر هذا الفصل.

وبعضهم قالوا: لا يحلف وهذا القائل يفرق بين المسألتين والفرق أن التأخر في الدين المؤجل بدليل موجب له، وهو التأجيل فأوجب التأخر مطلقاً، فلم يبق واجب الأداء في الحال فلم تصح مطالبة المدعي إياه في الحال، فلم يتوجه اليمين، أما في العبد لا تأجيل في الدين فكان واجب الأداء للحال، ولهذا لو جاء إنسان وكفل به صح ويطالب الكفيل به للحال لكن تأخر المطالبة ضرورة العسرة، فلا يظهر التأخر في حق توجه اليمين عليه كما لو ادعى على المعسر الحر وجحده، فإنه يتوجه عليه اليمين، وإن كان لا يطالب به للحال، ومن العلماء من قال إذا كان المدعى به مالاً لا يؤاخذ به العبد المحجور عليه في الحال، وأراد المدعي أن يحضر العبد مجلس الحكم فللمولى أن يمنعه من ذلك ويقول له: لي حق استخدامه، فإذا أحضر به باب القاضي عجزت عن استخدامه والاستخدام مستحق لي

<<  <  ج: ص:  >  >>