للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاستحقاق العين واستحقاق القيمة، فلا يستحلف.

ولو كان مكان دعوى الغصب دعوى الإيداع بأن ادعى كل واحد الوديعة في العين، فقال كل واحد: هذا العين لي أودعته من هذا فأقر به لأحدهما وأمره القاضي بالدفع إليه، فأراد الآخر أن يستحلفه لا يكون له ذلك؛ لأنه لو أقر للآخر بالعين بعد ذلك لا يضمن له، وإن صار العين تالفاً على الآخر؛ لأنه ما صار تالفاً بمجرد إقراره إنما صار تالفاً بالدفع إلى الأول والدفع إلى الأول حصل بقضاء قاض، وإذا كان لا يلزمه الضمان لو أقر به للثاني لم يكن الاستحلاف مفيداً.s

وعلى قول محمد رحمه الله كان له أن يستحلفه؛ لأنه لو أقر للثاني يلزمه الضمان بترك الحفظ، فإذا أقر به للأول فقد سلطه على الآخر فصار تاركاً الحفظ في حق الثاني، فيلزمه الضمان كما لو دل سارقاً على سرقة الوديعة، وإذا كان يلزمه الضمان لو أقر للثاني كان الاستحلاف مفيداً فيستحلفه هذا إذا أقر به لأحدهما، فأما إذا أقر لهما أمر بالتسليم إليهما ولا يضمن لواحد منهما شيئاً، أما في دعوى الملك المطلق فظاهر، وأما في دعوى الوديعة، أما على قول أبي يوسف فظاهر أيضاً، وأما على قول محمد رحمه الله: فلأنه إنما يصير مقراً لكل واحد منهما بالنصف، وقد سلم إلى كل واحد منهما ما أقر به فلم يصر تاركاً الحفظ الملتزم في حق كل واحد منهما بخلاف ما إذا أقر لأحدهما أولاً، ثم أقر به للآخر؛ لأن هناك لم يسلم إلى الثاني ما أقر له، فصار تاركاً للحفظ الملتزم في حق الثاني فضمن له عند محمد رحمه الله وأما في دعوى الغصب فلأنه صار مقراً لكل واحد منهما بالنصف، وقد سلم إلى كل واحد منهما ما أقر له بخلاف ما إذا أقر به لأحدهما ثم أقر به للثاني، فإن أراد أحدهما أن يحلفه على النصف الآخر لنفسه، ففي دعوى الملك المطلق لا يحلف، وفي دعوى الغصب يحلف، وفي دعوى الوديعة على قول أبي يوسف لا يحلف، وعلى قول محمد يحلف، وأما إذا جحد لهما وطلب كل واحد منهما من القاضي أن يحلفه له، فالقاضي لا يحلفه بالله ما هذا العبد لهما؛ لأن كل واحد منهما يدعى جميع العبد فكيف يستحلف له في نصفه، وهذا تحليف لكل واحد منهما في النصف ولكن يستحلف لكل واحد منهما بعد هذا اختلف المشايخ:

بعضهم قالوا: يحلف لهما يميناً واحدة بالله ما هذا العبد لهما لا لهذا ولا يحلف لكل واحد منهما يميناً على حدة؛ لأن عهد ذلك يحتاج إلى البداية بأحدهما وفيه تفويت التسوية، وبعضهم قالوا: يحلف لكل واحد منهما يميناً على حدة والرأي في ذلك للقاضي إن شاء بدأ بأحدهما من غير إقراع، وإن شاء أقرع بينهما تطييباً لقلوبهما ونفياً للتهمة عن القاضي، ثم إذا حلف لكل واحد منهما يميناً على حدة فالمسألة على ثلاثة أوجه:

الأول: إذا حلف لكل واحد منهما يميناً على حدة وفي هذا الوجه برأ عن دعواهما وهذا ظاهر.

الثاني: إذا حلف لأحدهما ونكل عن الآخر وإنه على وجهين: إن حلف للأول برأ عن دعواه، وإذا نكل للآخر قضى للآخر بكل العين كما إذا ادعاه وهو وحده فحلف ونكل، وإن نكل للأول فالقاضي لا يقضي بنكوله للأول بل يحلف للآخر وينتظر حاله مع

<<  <  ج: ص:  >  >>