للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاعل من أهله صار الذبح في حقه والموت حتف أنفه سواء، ولأبي يوسف: أنهم يتمولونه كما يتمولون الخمور، ونحن أمرنا ببناء الأحكام على اعتقادهم، وان نتركهم وما يدينون، فظهر حكم ديانتهم في حقهم بخلاف الميت حتف أنفه، لأنه ليس بمال في حق أحد.

وقال أبو حنيفة: يجوز بيع الأشربة المحرمة كلها إلا الخمر، وعلى مستهلكها الضمان.

وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز بيعها ولا يجب الضمان على مستهلكها؛ لأنه حرم شربها وقد قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله تعالى إذا حرم شربه حرم بيعه وأكل ثمنه» ، أوجب تحريم البيع عند تحريم الشرب، وفيه إشارة إلى سقوط التقويم، وذلك شرط وجوب الضمان.

ولأبي حنيفة: أن حرمة هذه الأشربة ما يثبت على طريق النص، بل بالاجتهاد الذي يوجب العمل دون العلم، فلا يوجب سقوط التقوم اللذان كانا من قبل، والحديث منصرف إلى ما يثبت فيه الحرمة مطلقا وهو الخمر.

وروى الحسن عن أبي حنيفة في العصير: إذا ذهب ثلثه، واشتد أنه يجوز بيعه بخلاف المنصف، ولا يجوز بيع المكاتب والمدبر وأم الولد ومعتق البعض.

أما المكاتب؛ فلأنه استحق يداً على نفسه ومكاتبه، وبالبيع يبطل ذلك، فيجب صيانته برد البيع إذا باع المكاتب بغير رضاه، وإن باعه برضاه، ذكر المشايخ في كتبهم: أنه يجوز البيع وتنفسخ الكتابة، وحكي عن الكرخي رحمه الله: أنه كان يقول: لا رواية فيه عن أصحابنا رحمهم الله نصاً، وإنما هذا شيء يقوله مشايخنا المتأخرون وقد أشار إليه محمد في «الجامع» : إلى أنه لا يجوز ولا ينفسخ الكتابة.

فقد قال في «الجامع» : إذا أمر الرجل مكاتبه أن يتزوج على رقبته حرة جاز، وكان على المكاتب أن يسعى في قيمته، ولم تنفسخ الكتابة مقتضى جعل الرقبة مهراً إذ لو انفسخت الكتابة لتعلق النكاح برقبتها، ويفسد النكاح؛ لأنها تملك رقبة زوجها، ولا يفسد النكاح حتى وجبت عليه السعاية في قيمته علم أن الكتابة لم تنفسخ، وقد رضي المولى والمكاتب بانفساخ الكتابة؛ لأنهما رضيا بضرورة رقبت مهر المولي بالأمر بالتزوج على رقبة والمكاتب بالأقدام على التزوج على رقبته، ولن تصير رقبته مهراً إلا بفسخ (٥٢أ٣) الكتابة، وهذا لم يفسخ الكتابة، ولم تصر رقبته مهراً، فقياس هذه المسألة أن لا يجوز بيع المكاتب برضاه، ولا تنفسخ الكتابة ههنا مقتضى جعل رقبته مهراً هذا جملة ما نقل عن الكرخي.

ومن مشايخنا من فرق بين المسألتين فقال: الكتابة لو انفسخت في هاتين الصورتين

<<  <  ج: ص:  >  >>