التسمية، أما بدون التسمية لا يطهر، ولا يجوز بيع شعر الخنزير؛ لأن الخنزير عينه نجس بجميع أجزائه منع الشرع عن الانتفاع به إهانة لعينه واستقباحاً لذاته، وفي البيع إعزاز له إلا أن رخص للخراز الانتفاع به من حيث الخرز؛ لأجل الضرورة مستثناة عن قواعد الشرع، وعن أبي يوسف أنه كره الانتفاع به للخرازين؛ لأنه نجس ولا ضرورة في الانتفاع به؛ لأن الخرز يحصل بغيره، وعن بعض السلف أنه لا يلبس مكعباً ولا خفاً أخرز من شعر الخنزير.
وشعر الميتة وعظمها وصوفها وقرنها لا بأس بالانتفاع بها، وبيع ذلك كله جائز؛ لأنه لا حياة في هذه الأشياء، فلا يحلها الموت فلا يتنجس.
وأما العصب ففيه روايتان: من رواية جاز الانتفاع به وبيعه؛ لأنه طاهر، فقد صح أن رسول الله عليه السلام استعمله في اصطلاح القوس، وشعر الأدمي طاهر، ولا يجوز الانتفاع به.
ويجوز بيع السرقين والبعر والانتفاع بها، وأما العذرة فلا يجوز الانتفاع بها ما لم يخلط بالتراب ويكون التراب غالبا، وهذا لأن محلية البيع بالمالية، والمالية بالانتفاع، والناس اعتادوا الانتفاع بالبعر والسرقين من حيث الإلقاء في الأرض لكثرة الريع، أما ما اعتادوا الانتفاع بالعذرة ما لم يكن مخلوطاً بالتراب، ويكون التراب هو الغالب.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: كل شيء أفسده الحرام والغالب عليه الحلال، فلا بأس بأن يبيعه وتبين ذلك، ولا بأس بالانتفاع به كالفأرة تقع في السمن والعجين، وما كان الغالب عليه الحرام لم يجز بيعه ولا هبته.
وكذلك الزيت إذا وقع فيه ودك الميت، فإن كان الزيت غالباً جاز بيعه، وإن كان الودك غالباً لم يجز، والمراد من الانتفاع حال عليه الحلال الانتفاع في غير الأبدان، وأما في الأبدان فلا يجوز الانتفاع به، ويجوز بيع البربط والطبل والمزمار والنرد، وأشباه ذلك في قول أبي حنيفة، وعندهما لا يجوز بيع هذه الأشياء.
وجه قولهما: إن هذه الأشياء أعدت للمعصية حتى صارت بحال لا يستعمل إلا في المعصية، فسقطت ماليتها والتحقت بالعدم، ومن شرط جواز البيع المالية.
ولأبي حنيفة: إن هذه الآلات ليست بمحرمة العين، وكونها آلة المعصية إنما يوجب سقوط التقوم والمالية إذا كانت متعينة للمعصية، وهذه الأشياء لم تتعين آلة للمعصية؛ لأن الانتفاع بهذه الأشياء ممكن بوجه حلال بأن يجعل النرد صنجات الموازين، والبربط والطبل والدف ظروف الأشياء، وإذا لم تكن متعينة للمعصية تقومها كالمعيبة فإنه لما تصور الانتفاع يعينها بطريق حلال لا يسقط تقومها وماليتها حتى جاز بيعها كذا ههنا.
وذكر أبو الحسن في «الجامع الصغير» المنسوب إليه: ذبيحة المجوسي، وكل شيء يعملونه وهو عندهم ذكاة كالخنق والضرب حتى يموت فإنه يجوز البيع بينهم عند أبي يوسف، ولو استهلكها مسلم ضمن القيمة، وليس كالميت حتف أنفه.
وقال محمد: هو في الميت حتف أنفه سواء؛ لأن الذكاة فعل شرعي، فإذا لم يكن