للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ما روي أن قوماً من الأعراب جاؤوا إلى رسول الله عليه السلام وقالوا: «إنا قوم نسكن الرمال ولا نجد الماء شهراً وشهرين وفينا الجنب والحائض» ، فقال عليه السلام: «عليكم بأرضكم» ولأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله: أن المراد من الصعيد المذكور في الآية الأرض، قال عليه السلام: «يحشر العلماء في صعيد واحد كأنه شبكة فضة» الحديث والمراد هو الأرض. وقال عليه السلام: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت» .

وجه الاستدلال بالحديث من وجهين:

أحدهما: أن رسول الله عليه السلام جعل نفس الأرض طهوراً من غير فصل بين أن تكون تراباً أو غيره.

والثاني: أنه قال: أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت، وقد كان تدركه الصلاة في غير موضع التراب كما كان تدركه في موضع التراب. ولا حجة للخصم في اسم الطيب لأنه اسم مشترك يحتمل الطاهر من غير أن يكون منبتاً ومن المنبت ما لا يكون طاهراً والمشترك لا عموم له، وابن عباس رضي الله عنهما فسرّه بالمنبت ورسول الله عليه السلام فسرّه بالطاهر حتى جوزه بالرمال بالحديث الذي روينا.

ولا يجوز التيمم بما ليس من جنس الأرض نحو الذهب والفضة والحديد والرصاص والزجاج والحنطة والشعير وسائر الحبوب والأطعمة لأن المنصوص عليه في الكتاب الصعيد. وفي الحديث الأرض وغيرها ليس بمنصوص عليه. وهذا أمر توقيفي فلا يلحق بهما غيرهما.

وقد ذكر بعض المشايخ في مسألة الذهب والفضة والحديد والرصاص فقال: ما ذكر في الكتاب محمول على ما إذا كان مشتركاً، ولم يكن مختلطاً بالتراب بأن كان بعد التخليص. فأما إذا لم يكن مشتركاً وكان مختلطاً بالتراب بأن كان قبل التخليص جاز التيمم به عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وإنه صحيح. وقالوا أيضاً في الحنطة والشعير وسائر الحبوب إن كان عليها غبار جاز التيمم وإنه صحيح.

ثم عند أبي حنيفة رحمه الله وإحدى الرواتين عن محمد رحمه الله: الشرط مجرد المسّ.

ولا يشترط استعمال جزء من الصعيد حتى أنه لو وضع يده على صخرة لا غبار عليها أجزأه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وكذا، إذا (٢٠أ١) وضع يده على الأرض الندية ولم يعلق معه شيء جاز عند أبي حنيفة رحمه الله، وفي إحدى الروايتين عن محمد رحمه الله: لا بد من استعمال جزء من الصعيد، حتى أنه لو وضع يده على صخرة لا غبار عليها، أو على أرض ندية ولم يعلق بيده شيء، لا يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>