للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر القدوري رحمه الله: ويؤخر المسافر الصلاة إلى آخر الوقت إذا كان على طمع من وجود الماء، فقد شرط القدوري زيادة لم تشترط في «الأصل» وهو أن يكون على طمع من وجود الماء.

معناه: إذا كان يرجو وجود الماء وهو الصحيح، حتى أنه إذا كان لا يرجو وجود الماء لا يؤخر الصلاة عن الوقت المعهود إذ لا فائدة فيه. قال القدوري رحمه الله: وهذا استحباب وليس بحتم يريد به أن التأخير إلى آخر الوقت استحباب، وروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أنه حتم لأن الطمع غلبة الظن وغلبة الظن حجة فصار هو باعتبار هذه الحجة قادراً على الاستعمال حكماً.

وجه ظاهر الرواية: أن العجز الحقيقي للحال ثابت بيقين وما ثبت بيقين لا يسقط حكمه إلا بيقين مثله، وهذا إذا كان الماء بعيداً عنه، فأما إذا كان قريباً منه لا يجزئه التيمم وإن خاف فوت الوقت. واختلفت الروايات في الحد الفاصل بين القريب والبعيد، وقد ذكرنا ذلك قبل هذا.

ثم إذا أخَّر لا يفرط في التأخير حتى لا تقع الصلاة في وقت مكروه فلا يؤخر العصر إلى تغير الشمس ولكن يؤخرها إلى أن يصلي قبل التغير، واختلف المشايخ في المغرب، قال بعضهم: لا يؤخر المغرب ولكنه يتيمم ويصليها في أول الوقت، فأكثرهم على أنه لا بأس بالتأخير إلى وقت غيبوبة الشفق لأن وقت المغرب يمتد إلى هذا الوقت، والدليل عليه أن المريض والمسافر إذا أخّرَا المغرب حتى جمعا بين المغرب والعشاء جاز.

قال «القدوري» رحمه الله في «شرحه: ويجوز التيمم قبل الوقت، وقال الشافعي: لا يجوز لأن التيمم طهارة ضرورية فلا يعتد بها قبل تحقق الضرورة. ولنا قوله تعالى: {فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً} (النساء: ٤٣) شرط عدم الماء فقط، فمن زاد دخول الوقت يحتاج إلى الدليل.

(نوع آخر) ما يجوز التيمم به وما لا يجوز

فنقول على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله: يجوز التيمم بكل ما كان من جنس الأرض التراب والرمل والحصاة والزرنيخ والجص والكحل والمردا رسنح، وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يجوز إلا بالتراب والرمل، وروي عنه أخيراً: أنه لا يجوز إلا بالتراب، وهو قول الشافعي.

حجتهما قوله تعالى: {فتيمموا صعيداً طيباً} قال ابن عباس رضي الله عنه: المراد منه تراب الحرث، ولأن الأرض الطيب هو الأرض المنبت، قال الله تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه} (الأعراف: ٥٨) والمنبت هو التراب. وقال عليه السلام: «جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً» إلا أن أبا يوسف زاد الرمل في رواية بحديث آخر،

<<  <  ج: ص:  >  >>