وأيضا صوم رمضان لو كان يأتي في الصيف دائماً، لوجدنا بعض الناس سيصومون ثماني أو تسع ساعات، والذين يعيشون قرب القطب الشمالي يصومون عشرين ساعة في اليوم، ولكن مجيء رمضان في فصول السنة كلها يجعل أولئك الذين يعيشون قرب القطب الشمالي يصومون مرة تسع عشرة ساعة مثلاً، ومرة ساعتين أو ثلاثاً، وهذه تعوض تلك، فيتم العدل، وإذا أخذنا متوسط ساعات الصيام بالنسبة لهؤلاء الناس على مدار السنة، نجد أن فترات صومهم فترة تسع عشرة ساعة وفترات ثلاث ساعات، وبذلك يتساوون في المتوسط مع أولئك الذين يصومون ثماني أو تسع ساعات يومياً.
ونجد بالحساب أن تقويم الهلال ينقص عن تقويم الشمس بمقدار أحد عشر يوماً وثلث يوم كل عام، ويكون الفرق عاماً كاملاً كل ثلاث وثلاثين سنة وثلث العام، أي أن رمضان يأتي مرة في يناير ومرة في فبراير ومرة في مارس، وكذلك الحج، وبذلك تتكافأ الفرص بين المؤمنين جميعاً، فالذين يصومون في الصيف المعروف بيومه الطويل، يصومون في الشتاء ويومه قصير. والذين يعانون من الصوم في حرارة الجو، يصومون أيضاً في برد الشتاء، وهكذا يدور رمضان والحج في شهور العام كله، وبذلك يتم عدل الله على الجميع بالتشريع الحق، ويدور التكليف مشقة ويُسْراً وصعوبة وسهولة على جميع المؤمنين.
وإذا نظرنا إلى ربط اليوم بالشمس نجد أن الحق سبحانه وتعالى الذي ربط أوقات الصلاة بالشمس، كفل لها الدوام التكليفي، لماذا؟
لأن القمر نراه أياماً، ولكننا لا نراه في أيام المحاق، فلو ربطنا الصلاة بالقمر لضاع منا الدوام، مضافاً إلى ذلك أن القمر يظهر لنا في أوقات غير متساوية؛ فعندما يكون هلالاً لا يظهر للعين في الأفق معدودة،