القانون، ومن يخالف القانون. وساعة تقول:{أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً} . فهذا دليل على أنك واثق أن مجيبك لن يقول لك إلا: لا تبتغي حكما إلا الله، ولذلك يطرح المسألة في صيغة استفهام، ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: مبلغا عن ربه: {وَهُوَ الذي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الكتاب مُفَصَّلاً} ، ولم يقل رسول الله: وهو الذي أنزل عليّ الكتاب، بل قال مبلغاًَ عن رب العزة:{وهُوَ الذي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الكتاب} كأن العداوة ليست لمحمد وحده، لكنها العداوة لأمة الإيمان كلها، والحكم لأمة الإيمان كلها. ومع أن القرآن نزل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أولاً، ولكن مهمته البلاغ إلى الناس والغاية منه للمؤمنين كلهم، وهكذا تكون العداوة للنبي عداوة للمؤمنين كلهم، ولذلك أنزل عليه الحق هذا التساؤل:{أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً} كما أنزل عليه من قبل القول الحق: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإنس والجن}[الأنعام: ١١٢]
إذن فعدو النبي هو عدو المؤمنين به والمتبعين له، لكن قمة العداوة تكون للنبي المرسل من الحق:
وكلمة {مِّن رَّبِّكَ بالحق} فيها إغراء للمؤمنين بأن كل الأمر يعود عليكم أنتم بالفائدة؛ لأن غاية إنزال الكتاب لكم أنتم، والكتاب جاء بهذا المنهج لصالحكم ولن يزيد في صفات الله صفة، ولن يزيد في ملك الله ملكا. بل الغاية أنتم.
{أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الذي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الكتاب}[الأنعام: ١١٤]
وسبحانه لم ينزل الكتاب إلا بتفصيل لا تلتبس فيه مسألة بأخرى: