للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إله إلا أنا، والذي أخذ منه الكون إله ولكن أَعَلِمَ أن الكون أخذ منه أم لم يعلم بذلك؟ إن لم يكن قد دري تكون مصيبة في هذا الإله، وإن كان قد دري فما الذي أسكته؟ فالمسألة - إذن - محلولة، هذه مسألة الشرك.

إن الإيمان بوحدانية إله جاءت لتريح النفس البشرية من كثرة تلفتاتها إلى آلهة متعددين، إنّه هو الحق، وهو الذي ينفع ويضر، إنكم حين تكونون لإله واحد كمثل العبد يكون لمالك واحد، أما عندما تعبدون آلهة متعددين تكونون كمثل العبد الذي له شركاء وياليتهم متفقون؛ بل هم مختلفون.

بعد ذلك يأتي في المرحلة الثانية وهي: اليأس من رَوْح الله، و «الرَّوْح» من «الرائحة» وهي النسيم، فساعة تكون في ضيق والجو حار تلتفت لتجد واحة فتأوي إلى ظلها وهوائها وتلجأ إلى حضنها، هذه الراحة يعطيها الله لمن لا ييأس من روْح الله فتعطيه صلابة إيمانية لاستقبال أحداث الحياة؛ لأن الحياة أغيار، وأحداثها متعددة، وللعالم وللكون الظاهر سنن في الأسباب والمسببات.

هَبْ أن أسبابك ضاقت بشيء ولم يعد عندك أسباب له أبداً، فالذي لا يؤمن بإله قوي يخرق الأسباب، ماذا يفعل؟ ينتحر كما قلنا.

إذن فاليأس من روْح الله هو من جعل قوة الله العليا التي خلقت النواميس متساوية مع النواميس بحيث إذا ضاقت وعزت أسبابها البشرية في شيء يئس منها، أما المؤمن فنقول له: أنت لا تيأس؛ لأنك مؤمن بإله قادر فوق النواميس؛ فالذي ييأس من روْح الله كأنه يعطل طلاقة القدرة الإلهية على النواميس الكونية، إنّ الله، هو خالق هذه النواميس. فعندما ييأس إنسان من روح الله، يكون قد سوّى الله - بطلاقة قدرته - بالنواميس، إنّ الذي تأباه النواميس فسبحانه قادر أن ييسره.

وبعد ذلك جاء ب «عقوق الوالدين» وهما الخلية الأولى التي يواجهها الإنسان، وهما السبب المباشر في إيجادك؛ لأنك حين تعق وتعصي من كان سبباً مباشراً لوجودك تكون قد عققت وعصيت من كان سبباً أولياً لوجودك، وهو الله الذي لم تره،

<<  <  ج: ص:  >  >>