للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثل قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦] فنفى المبالغة في الظلم، فهل يعني ذلك أنه تعالى يمكن أن يكون ظالماً؟

والشيء يُبالغ فيه لأمرين: الأول: أن تبالغ في نفس الحدث، كأن تأكلَ رغيفاً في الوجبة أو رغيفين، وآخر يأكل خمسة أرغفة، فهذه منه مبالغة في نفس الحدث وهو الأكل، والثاني: قد تكون المبالغة بتكرار الحدَث، فالعادة أن نأكل ثلاث مرات، وهناك مَنْ يأكل سِتّ وجبات، ونسميه (أكول) أي: كثير الأكل، لا في الوجبة الواحدة، إنما في عدد الوجبات.

فمعنى (غَفَّارٌ) غافر لي، وغافر لك، وغافر لهذا وهذا. . غافر لكل الخَلْق، فتكررت مغفرته عَزَّ وَجَلَّ لخَلْقه.

وقد شرع الحق سبحانه وتعالى المغفرة والتوبة ليحمي المجتمعات من شرار الناس فيها، فالشرير إذا ارتكب جريمة ولم يجد له فرصة للمغفرة والتوبة، فإنه يستمرىء الجريمة، بل ويبالغ فيها.

أما إذا فُتِح له باب التوبة والمغفرة فإن هذا يرحم المجتمع من شراسة أصحاب السوء.

والله عَزَّ وَجَلَّ ليس غافراً للذنوب فحسب، بل هو غفار لها، وكلما عدت إليه غفر لك، ولكن وَطِّن نفسك أنك إذا فعلت الذنب وتُبْت منه فلا تعد إليه، ولا ترتب وتخطط لمعصيتك على أمل أن تتوب، فما يدريك أن تعيش إلى أن تتوب؟

والمغفرة تكون {لِّمَن تَابَ وَآمَنَ} [طه: ٨٢] وما دام قال {تَابَ وَآمَنَ} [طه: ٨٢] فلا بُدَّ أن التوبة هنا عن الكُفْر، ثم أنشأ

<<  <  ج: ص:  >  >>