وأرى أيضًا أن المثال الذي ذكره الدكتور عبد العال عطوة للقرينة التي تكون دلالتها قوية بحيث تصل إلى درجة اليقين، وأعني به صورة الرجل الذي خرج من دار مضطربا، ملوثة ملابسه بالدماء يحمل سكينا ملوثة أيضا.. إلى آخره، أرى أن هذه الصورة تصلح أن تكون مثالا هنا للقرينة التي تفيد غالب الظن الذي يقرب من اليقين، وليس كما يرى الدكتور عبد العال عطوة وغيره أن دلالة القرينة هنا قوية تصل إلى درجة اليقين. فمن المحتمل أن يكون القتيل قد أراد قتل الذي خرج بهذه الهيئة فأخذ السكين وأصاب نفسه عند الاشتباك بين الاثنين بالقوة الزائدة، فأخذها الخارج وفر هاربا مذعورا من هول الحادث ولم يحس بحمله للسكين.
وهذا الاحتمال أثاره صاحب تكملة ابن عابدين مع احتمالات أخر، رآها لا تشجع على القول بوجوب القصاص، على الخارج من الدار بهذه الصفة، قال صاحب تكملة ابن عابدين معقبا على هذه الصورة التي ذكرها ابن الغرس من الحنفية في كتابه الفواكه البدرية: "والحق أن هذا محل تأمل، ولا يظن أن في مثل ذلك يجب عليه القصاص، مع أن الإنسان قد يقتل نفسه، وقد يقتله آخر ويفر، وقد يكون أراد قتل الخارج فأخذ السكين وأصاب نفسه فأخذها الخارج، وفر منه وخرج مذعورا, وقد يكون اتفق دخوله فوجده مقتولا فخاف من ذلك وفر، وقد تكون السكين بيد الداخل فأراد قتل الخارج ولم يتخلص منه إلا بالقتل فصار دفع