للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثالث: ما يفيد مجرد الظن الذي وجد معه ما يقويه لكن يحتمل خلاف ما دلت عليه القرينة، ومثل لهذا القسم بوجود شخص ملابسه ملوثة بدماء القتيل، أو ممسكا بسكين وبجانبه الشخص القتيل، وفي هذا النوع يرى المالكية وجوب أن يطلب مع القرينة ما يقويها، ولهذا قالوا: إن مثل هذا يعتبر لوثا١ "علامة" يقسم معه أولياء القتيل, ويستحقون القصاص من المتهم بالقتل إن كان القتل عمدا، أو الدية إن كان القتل خطأ، وعلى هذا فإن تقوى هذا النوع حتى صار مفيدا لغلبة الظن, وجب على القاضي في رأي المالكية أن يقضي به في الحدود٢ وغيرها إذا عجز المتهم عن إقامة الدليل المنافي له.

القسم الرابع: ما يفيد مجرد الظن العادي ولم يوجد معه ما يقويه ولم يوجد أيضًا ما ينافيه إلا مجرد احتمالات قريبة الوقوع في العادة، كوجود شخص يمسك بكأس الخمر فارغة وبها أثر الخمر، أو وجود آخر يركب سيارة وقد وقف بجوار شخص قتيل أو مصاب بجروح، فهذا النوع يفيد ظنا بأن الممسك بكأس الخمر فارغة قد شربها، وأن الواقف بسيارته بجوار الجريح أو القتيل هو الذي جرحه أو قتله، ولكن يحتمل احتمالا ليس ببعيد أن ممسك كأس الخمر لم يشربها، وأن الواقف بسيارته يجوار الجريح أو القتيل لم يجرحه أو يقتله، ويرى الدكتور عبد السميع إمام أن مثل هذا النوع من القرائن لا يقضى به في غيرها، فلو ادعى شخص على آخر سرقة ماله ووجد المال المسروق في بيت المتهم، فلا يحكم عليه بحد السرقة إلا إذا قامت البينة "الشهود" على أنه سرق هذا المال، أو وجدت


١ سبق بيان معنى "اللوث" عند الكلام عن القسامة، ص٤٢٨.
٢ الحدود، وهي العقوبات المقدرة التي وجبت حقا لله عز وجل، كعقوبة الزنا، وشرب الخمر، والسرقة، وقطع الطريق، والقذف أي: رمي الغير بالزنا من غير بينة.

<<  <   >  >>