إحداهما أقوى من الأخرى، فحينئذ تكون القرينة المرجوحة منهما ملغاة فلا يلتفت إليها، وأمثلة هذا القسم كثيرة، منها تنازع رب الدار مع خياط يعمل في داره على ملكية مقص أو أداة من أدوات الخياطة، فيحكم بذلك للخياط، ولا يلتفت لوضع اليد هنا؛ لأنه معارض بقرينة أقوى، بخلاف ما لو تنازع الخياط مع رب الدار على ملكية ثوب موجود في الدار فإنه يحكم به لصاحب الدار، لعدم وجود قرينة أقوى من وضع اليد في هذه الحال١.
ونرى أن القسم الثالث لا حاجة إليه في التقسيم، ومجال الكلام عنه عند الكلام عن شروط العمل بالقرينة فيذكر هناك أن من شروط العمل بالقرينة أن لا يعارضها قرينة أخرى.
تقسيم الدكتور عبد السميع إمام:
وقسم الدكتور عبد السميع إمام القرينة إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: ما يفيد اليقين، كشهود جماعة على موت شخص أو قتله، ثم جاء المشهود عليه حيا، فإن وجوده حيا دليل قاطع على كذب الشهود أو خطئهم يقينا.
القسم الثاني: ما يفيد غالب الظن الذي يقرب من اليقين, كوجود امرأة حامل لا زوج لها، ولا سيد لها -إن كانت جارية- لأنه يجوز للسيد أن يطأ جاريته، ووجود شخص سكران أو يتقايأ الخمر، فإن هذه القرينة تفيد الظن الغالب الذي يقرب من اليقين بأن المرأة حملت سفاحا، وأن السكران شرب الخمر متعمدا.
١ القرائن ودورها في الإثبات في الفقه الجنائي الإسلامي، للدكتور أنور دبور، ص٩٦.