للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

-أعني من كان من غير ملتهم- وحظروا عليهم أكل اللحمان من ذبيحة من لم يكن على دينهم؛ لأنهم -أعني علماءهم وأئمتهم- علموا أن دينهم لا يبقى عليهم في هذه الحالة، مع كونهم تحت الذل والعبودية، إلا بأن يصدوهم عن مخالطة من كان على غير ملتهم، وحرموا عليهم مناكحتهم والأكل من ذبائحهم، ولم يمكنهم المبالغة في ذلك إلا بحجة يبتدعونها من أنفسهم، ويكذبون بها على الله؛ لأن التوراة إنما حرمت عليهم مناكحة غيرهم من الأمم؛ لئلا يوافقوا أزواجهم في عبادة الأصنام والكفر بالله تعالى. وحُرم عليهم في التوراة أكل ذبائح الأمم التي يذبحونها قربانا للأصنام؛ لأنه قد سمي عليها غير اسم الله. فأما الذبائح التي لا تذبح قربانا، فلم تنطق التوراة بتحريمها. وإنما نطقت التوراة بإباحة تناول المأكل من يدي غيرهم من الأمم في قول الله تعالى لموسى حين اجتازوا على أرض بني العيص: "لو تشكار وأيام كي لواتين لخاميا رصام عاذ مذراخ كف داغل". تفسيره: فإني لا أعطيك من أرضهم ولا مسلك قدم. "أواخر تشير وميالمام بكيف واخليتم وغم مايم تخرد وميانام بكيسف وشيشم". تفسيره: مأكولا تمتاروا منهم بفضة، وتأكلونه. وأيضا ماء تشترون منهم بفضة وتشربونه١.

فقد تبين من نص التوراة أن المأكول مباح لليهود تناوله من غيرهم من الأمم وأكله. وهم يعلمون أن بني العيص عابدو أصنام


١ جاء في سفر التثينة ٢/ ٤: وأوصى الشعب قائلا: أنتم مارون بتخم إخواتكم بني عيسو الساكنين في سعير، فيخافون منكم، فاحترزوا جدا.
٢/ ٥: لا تهجموا عليهم؛ لأني لا أعطيكم من أرضهم ولا وطأة قد؛ لأني لعيسو قد أعطيت جبل سعير ميراثا.
٢/ ٦: طعاما تشترون منهم بالفضة لتأكلوا، وماء أيضا تبتاعون منهم بالفضة لتشربوا.

<<  <   >  >>