قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَيسْتَحب الاعتناء بضبط الحَدِيث وتحقيقه لفظا وشكلا وإيضاحا من غير مشق وَلَا تَعْلِيق بِحَيْثُ يُؤمن مَعَه اللّبْس أَو إِنَّمَا يشكل الْمُشكل وَلَا يشْتَغل بتقييد الْوَاضِح وَصوب عِيَاض شكل الْكل للمبتدئ وَغير المعرب وَرَأى بعض مَشَايِخنَا الِاقْتِصَار فِي ضبط البُخَارِيّ على رِوَايَة وَاحِدَة لَا كَمَا يَفْعَله من ينْسَخ البُخَارِيّ من نُسْخَة الْحَافِظ شرف الدّين اليونيني لما يَقع فِي ذَلِك من الْخَلْط الْفَاحِش بِسَبَب عدم التَّمْيِيز ويتأكد ضبط الملبس من الْأَسْمَاء لِأَنَّهُ نقل مَحْض لَا مدْخل للإفهام فِيهِ كبريد بِضَم الْمُوَحدَة فَإِنَّهُ يشْتَبه بِيَزِيد بالتحتية فضبط ذَلِك أولى لِأَنَّهُ لَيْسَ قبله وَلَا بعده شَيْء يدل عَلَيْهِ وَلَا مدْخل للْقِيَاس بِهِ وليقابل مَا يَكْتُبهُ بِأَصْل شَيْخه أَو بِأَصْل أصل شَيْخه الْمُقَابل بِهِ أصل شَيْخه أَو فرع مُقَابل بِأَصْل السماع وليعن بالتصحيح بِأَن يكْتب صَحَّ على كَلَام صَحَّ رِوَايَة وَمعنى لكَونه عرضة للشَّكّ أَو الْخلاف وَكَذَا بالتضبيب وَيُسمى التمريض بِأَن يمد خطأ أَوله كرأس الصَّاد وَلَا يلصقه بالممدود عَلَيْهِ على ثَابت نقلا فَاسِدا لفظا أَو معنى أَو ضَعِيف أَو نَاقص وَمن النَّاقِص مَوضِع الْإِرْسَال وَيصْلح النِّيَّة فِي التحديث بِحَيْثُ يكون مخلصا لَا يُرِيد بذلك عرضا دنيويا بَعيدا عَن حب الرِّئَاسَة ورعونتها وليقرأ الحَدِيث بِصَوْت حسن فصيح مرتل وَلَا يسْرد سردا لِئَلَّا يلتبس أَو يمْنَع السَّائِل من إِدْرَاك بعضه وَقد تسَامح بعض النَّاس فِي ذَلِك وَصَارَ يعجل استعجالا يمْنَع السَّامع من إِدْرَاك حُرُوف كَثِيرَة بل كَلِمَات وَالله تَعَالَى بمنه وَكَرمه يهدينا سَوَاء السَّبِيل انْتهى
وَأما درس الحَدِيث فَلهُ ثَلَاثَة طرق عِنْد عُلَمَاء الْحَرَمَيْنِ الشريفين
أَولهَا السرد وَهُوَ أَن يَتْلُو الشَّيْخ المستمع أَو الْقَارئ كتابا من كتب هَذَا الْفَنّ من دون تعرض مباحثه اللُّغَوِيَّة والفقهية وَأَسْمَاء الرِّجَال وَنَحْوهَا
وَثَانِيها طَرِيق الْحل والبحث وَهُوَ أَن يتَوَقَّف بعد تِلَاوَة الحَدِيث الْوَاحِد مثلا على لَفظه الْغَرِيب وتراكيبه العويصة وَاسم قَلِيل الْوُقُوع من أَسمَاء الْإِسْنَاد وسؤال ظَاهر الْوُرُود وَالْمَسْأَلَة الْمَنْصُوص عَلَيْهَا وبحلة بِكَلَام متوسط ثمَّ يسْتَمر فِي قِرَاءَة مَا بعْدهَا