وَأما إِن كَانَ السَّبَب الْحمرَة الْحَرَارَة فانك لَا تَجِد الملاسة والصقال لَا فِي الرُّطُوبَة وَلَا فِي الثفل على ذَلِك لِأَن الْحَرَارَة تحرّك الْأَشْيَاء وتجففها وَتخرج بَعْضهَا من بعض لذَلِك لَا يَسْتَوِي الْأَجْزَاء. وَيكون الْحمرَة مَعَ ذَلِك خَالِصَة صَادِقَة جدا محكمَة.
قَالَ: وَإِذا كَانَت الصَّفْرَاء سَبَب بَيَاض الْبَوْل فان الثفل الراسب يكون جافاً وتحا يَسِيرا والرطوبة نَفسهَا تكون لَطِيفَة الْأَجْزَاء وَلَا يكون بياضها جدا خَالِصا لِأَن الْحَرَارَة تفني رُطُوبَة الثفل وتجففه وينضم وَيرى قَلِيلا وَإِذا كَانَ سَبَب الْبيَاض البلغم كَانَ الثفل غزيراً أملس ذَا بصيص وبريق وَغلظ ورطوبة.)
قَالَ: وَإِذا كَانَ سَبَب السوَاد الْمرة السَّوْدَاء كَانَ الثفل الف ومجتمعاً يَسِيرا جافاً واللون خَالص منتشر غير شَدِيد الاكتناز قَلِيل الاسْتوَاء والملوسة وَلَا يكون السوَاد خَالِصا وَإِذا كَانَ البلغم سَبَب الاسوداد كَانَت الرُّطُوبَة مستوية الْأَجْزَاء ذَات ملوسة وبريق وَلَا يكون السوَاد خَالِصا وَيكون شبه الحمأة غَلِيظَة رطبَة.
لي وَقَالَ أَيُّوب: رقة الْبَوْل تكون من السدة وَإِمَّا من التهم فيعدم النضج والهضم وَإِمَّا للإكثار من الشَّرَاب كَالَّذي يعرض فِي ذيابيطس وَإِمَّا لغَلَبَة المزاج الْبَارِد واليابس كَالَّذي يعرض فِي سنّ الْهَرم.
قَالَ: الثفل الَّذِي يكون فِي الرُّطُوبَة إِمَّا أَن ينتشر فِي القارورة كلهَا فَلَا يكون لَهُ مَوضِع خَاص عَن الرُّطُوبَة وَإِمَّا أَن يكون صافياً فَوق الرُّطُوبَة وَإِمَّا أَن يكون مُتَعَلقا فِي الْوسط وَإِمَّا أَن يكون راسباً فِي أَسْفَلهَا.
قَالَ أَيُّوب: الثفل يَعْنِي الرسوب قد يكون فِي الصِّحَّة وَقد يكون فِي الْمَرَض فَإِذا كَانَ فِي الصِّحَّة كثيرا فانه يدل على هضم حسن وسعة فِي المجاري وَإِذا كَانَ فِي الْمَرَض فَيكون إِذا دفعت الطبيعة الْخَلْط الممرض.
لي قد بَين ج أَن الْأَبدَان الحارة المزاج اللطيفة التَّدْبِير النحيفة لَا يكَاد يرسب فِي أبوالهم شَيْء وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْت الضخام السمان يرسب فِي أبوالهم أبدا رسوب كثير يفزع لَهُ من لَا دربة لَهُ من الْأَطِبَّاء وَذَلِكَ لَهُم بالطبع. والنحفاء على الضِّدّ لَا يكَاد يرسب فِي أبوالهم شَيْء وَقد تعاهدت ذَلِك الْأَمْرَاض كثيرا فَلم أرى نضجاً الْبَتَّةَ وَلَا مُنْتَهى الرسوب.
قَالَ: وَإِن جاد الهضم كَانَ رسوبا أملس أَبيض مُسْتَقرًّا وَإِن كَانَ دون ذَلِك كَانَ الشَّيْء الَّذِي يُسمى الثّقل فِي الْوسط وَإِن كَانَ دون ذَلِك كَانَت غمامة فَوق سطح الرُّطُوبَة وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك كَانَ هَذَا الثّقل منتشرا فِي المَاء كُله وَصَارَ الْبَوْل لذَلِك خاثراً وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن الَّذِي قد كمل هضمه وَقد سكنت رِيحه فاستقر لذَلِك وَهُوَ الَّذِي فِي الهضم لم يبلغ أَن يتَجَاوَز عَن الرُّطُوبَة فَهُوَ لذَلِك منتشر وَأما الْغَمَام الْمُتَعَلّق فِيهِ فان فِيهِ هضما غير كَامِل إِلَّا أَن الْمُتَعَلّق أَكثر إنهضاما.