وَأما ثخنته فَلِأَن الطَّبْخ قد برد مِنْهَا مائية كَثِيرَة وأحال عَلَيْهَا كثيرا من الغلظ وحلل فِيهِ. وَأما ذهَاب التثور فَلِأَن الرّيح قد سكنت فاستقرت كَذَلِك تِلْكَ الْأَجْزَاء الَّتِي كَانَت تحول فِيهِ وَهَذِه الرّيح تواصل هَذِه الْأَشْيَاء ألف وَمن العفن. وَفِيه كَلَام طبيعي نذكرهُ كَامِلا إِن شَاءَ الله فِي البحوث الطبيعية. وَيجب أَن تنظر هَل يكون الْبَوْل الثخين غير نضيح لِأَنَّهُ لَيْسَ الثخين والتثور وَاحِدًا.
قَالَ الْبَوْل الكدر ثَلَاثَة أَصْنَاف: إِمَّا أَن يبال كدرا وَلَا يبْقى بِحَالهِ فَإِنَّهُ متوسط بَينهمَا وَذَلِكَ أَن الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو بعد قَلِيل وَإِمَّا أَن يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ دَائِما وَإِمَّا أَن صافياً ثمَّ يكدر وأردأ هَذِه الثَّلَاثَة الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر وَبعده فِي الرداءة الَّذِي يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ وَالَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو بعد قَلِيل يدل على أَن الَّذِي بَقِي من الِاضْطِرَاب والتثور قَلِيل وَأما الَّذِي يبْقى على كدرته فَيدل على التثور والاختلاط فِي النِّهَايَة وَأما الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر خَارِجا فَيدل على أَنه لم تكن حَرَكَة لَكِنَّهَا سَتَكُون عَن قريب. فبالواجب صَار هَذَا أردأهما لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض يحْتَاج إِلَى زمن طَوِيل وَإِلَى قُوَّة قَوِيَّة حَتَّى ينضج.
فَأَما الْبَوْل الَّذِي يبال كدراً ثمَّ لَا يلبث أَن يرسب فِيهِ رسوب مَحْمُود فَيدل على أَن الْمَرِيض لَا يلبث أَن ينضج. وَأما الَّذِي يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ فَلِأَنَّهُ يدل على أَن الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب فِي نهايته كَانَ نقصانه فِي الرداءة أَشد من الْبَوْل الَّذِي يدل على أَنه لم يكن لَهُ بعد حَرَكَة. لَكِنَّهَا سَتَكُون عَن قريب على حسب فَضله فِي الرداءة على الْبَوْل الَّذِي يدل على أَن تِلْكَ الْحَرَكَة قريب)