بَارِدَة كَانَ مَا يَلِي الْبَحْر مِنْهَا أعدل لِأَنَّهُ يكون منخفضاً متطامناً فَيصير لذَلِك أسخن. فَإِن كَانَ من الْبلدَانِ الحارة مثل مصر والنوبة فَإِن الَّذِي يَلِي من الْبَحْر يكون أبرد لِأَنَّهُ فِي الصَّيف تبرده الرِّيَاح الشمالية الَّتِي تهب إِلَيْهِ من الْبَحْر فَيكون لذَلِك أبرد فَقرب الْبَحْر من الْبَلَد يَجعله أعدل من تِلْكَ مُسَاوِيا لَهُ فِي سَائِر الْأَحْوَال خلا الْقرب من الْبَحْر. وَمن مزاجه حَار رطب فَقل مَا تضره الْجنُوب.
لى: يتَبَيَّن من الْفَصْل الَّذِي أَوله الأجواف فِي الشتَاء وَالربيع أسخن مَا تكون إِن اسْتِدَامَة الصِّحَّة فِي فصل الخريف يكون بترطيب الْبدن مَا أمكن وَأَن أمراضه خريفية لَا امتلائية وَذَلِكَ أَن جالينوس قَالَ هُنَاكَ: أَن الدَّم فِي الخريف فِي الْبدن أقل مَا يكون. وَأما أمراض الرّبيع فبالضد)
أَكْثَرهَا امتلائية لِأَن الدَّم فِي الشتَاء أَكثر مَا يكون فِي الْبدن لكنه متداخل فَإِذا سخن فِي الرّبيع ثار وهاجت لذَلِك أمراض. ج: الطين اللاني جيد للوباء يسقى بشراب رَقِيق ممزوج إِذا لم تكن حمى فَلَا يشربه أحد إِلَّا تخلص.
بولس عَن روفس قَالَ: إِذا تَغَيَّرت أزمنة السّنة وحدست أَن يكون وباء فتفقد حَال الْأَبدَان فِي مزاجها وَفِي تدبيرها وانح نَحْو مضادة الْهَوَاء الَّذِي تغير فَإِن رطب الْهَوَاء فِي الْوَقْت الَّذِي يكون فِيهِ يَابسا يجفف الْأَبدَان بإسهال الْبَطن وإدرار الْبَوْل والفصد والقيء وَإِذا كَانَ فِي الوباء تَجِد للإعياء لهباً وكرباً وحرارة يسيرَة فِي الصَّدْر فَاجْعَلْ على الصَّدْر أَشْيَاء تبرده وَيشْرب دفْعَة مَاء بَارِد كثيرا ليطفئ بذلك الالتهاب وَلَا يتجرعه قَلِيلا قَلِيلا فَإِنَّهُ يهيج الْحَرَارَة وَإِن بردت الْأَطْرَاف وَظَاهر الْبدن فادلك الْبدن ودثره ليجذب الْحَرَارَة إِلَى خَارج. ج قَالَ: وَهَذَا الدَّوَاء ينفع من الوباء مَا شِئْت صَبر مر زعفران جُزْء جُزْء يسحق وَيُعْطِي كل لوم أُوقِيَّة مَعَ اوقية شراب ريحاني. قَالَ روفس: لم يمت أحد شربه. وَأما جالينوس فَذكر هَذَا الذّكر بِعَيْنِه فِي الطين الأرمني. وَشرب الترياق الْكَبِير عَظِيم النَّفْع من عفونات الوباء جدا.
لى: يَنْبَغِي أَن تعلم هَذِه الْأَدْوِيَة وَلَا يَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل فِي كل حَال يحدث.
الأولى من جَوَامِع الحميات: الْأَبدَان صنفان مِنْهَا مَا يَسْتَحِيل عِنْد الوباء سَرِيعا وَهِي المملوءة أخلاطاً ردية والعادمة للتحلل الْكَثِيرَة الرَّاحَة والبطالة المسرفة فِي الْجِمَاع وَالْحمام وَمِنْهَا مَا يعسر تغيره واستحالته وَهِي النقية من الفضول المستعملة للرياضة الَّتِي تنْحَل فضولها ومجاريها مفتحة. فالهواء يمرض الْبدن: إِمَّا أَن يبرده أَو يسخنه أَو يرطبه أَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute