للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ج: الفحص عَن أغذيتهم من أوفق شَيْء يسْتَدلّ بِهِ.

قَالَ: فَإِن الطَّبِيب إِذا تفقد هَذِه الْأَحْوَال من الْبَلَد الَّذِي يدْخلهُ لم يخف عَلَيْهِ مَا يحدث على أَهلهَا من الْأَمْرَاض إِذا كَانَت الْمَدِينَة بارزة للجنوب مستورة عَن الرِّيَاح الْبَارِدَة وَهِي الشمالية كَانَت أمياهها حارة مالحة ورؤوس سكانها رطبَة بلغمية وبطونهم كَثِيرَة الِاخْتِلَاف دائمة.

قَالَ ج: ذَلِك لِأَن الْجنُوب تملأ الرَّأْس ويسيل مِنْهُ إِلَى معدهم فينقص هضمهم وتختلف بطونهم وأبدانهم تضعف لِأَن دوَام الرِّيَاح الجنوبية يُرْخِي ويضعف ويغشى الْبَصَر ويثقل السّمع ويكسل ويرهل وَلَيْسَ شهوتهم للطعام وَلَا هضمهم لَهُ يجيد لِكَثْرَة مَا يسيل من البلغم إِلَى معدهم وَلَا للشراب وَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَيْضا أَن يكثروا من الشَّرَاب لِأَن الْخمار شَدِيد الْأَذَى لَهُم لضعف رؤوسهم لِأَن الْخمار إِلَى الرؤوس الضعيفة أسْرع وَأوحى لِأَن من كَانَ رَأسه ضَعِيفا رطبا لَا يتَمَكَّن من كَثْرَة الشَّرَاب لِأَن ذَلِك يزِيد الدِّمَاغ ضعفا فَلَا يقدر على التملؤ مِنْهُ وأعمارهم)

قَصِيرَة وأخلاقهم سَيِّئَة والقروح الْعَارِضَة لَهُم عسرة بطيئة الْبُرْء رطبَة رهلة ويعرض للنِّسَاء النزف بهَا أَعنِي كَثْرَة الْحيض ويكن مسقامات أبدا وَلَا يحملن إِلَّا بعسر فَإِن حبلن اسقطن فِي الْأَكْثَر وَلَيْسَ ذَلِك من قبل طبيعتهم لَكِن من كَثْرَة أمراضهم واما الرِّجَال فَيعرض لَهُم اخْتِلَاف دم وبواسير ورمد رطب وَهُوَ البُخَارِيّ الدخاني الْقصير الْمدَّة ويعرض لمن جَاوز الْخمسين الفالج كثيرا.

قَالَ ج: أَكثر مَا ينحدر بطُون هَؤُلَاءِ النِّسَاء يمر من الْبَطن إِلَى جَمِيع الْبدن فِي الْعُرُوق فَإِن أَكثر مَا فِي الْعُرُوق يصير إِلَى الْأَرْحَام لِأَن الدَّم ينتقص مِنْهَا فِي كل شهر.

قَالَ: والربو يكثر فِي هَذِه الْمَدِينَة وَفِي صبيانهم خَاصَّة وَكَذَا الصرع والكزاز وَذَلِكَ كُله لِكَثْرَة البلغم فِي الرَّأْس لِأَنَّهُ إِن نزل إِلَى الرئة كَانَ مِنْهُ ربو وَإِن بَقِي كَانَ مِنْهُ صرع ويعرض لرجال هَذِه الْمَدِينَة لين الْبَطن وَاخْتِلَاف الدَّم والحمى الَّتِي فِيهَا برد وحر فِي حَال وَحمى طَوِيلَة شتوية وَحمى ليلية وبواسير وَاخْتِلَاف الدَّم إِذا كَانَ البلغم النَّازِل من الرَّأْس مالحاً.

سكان الْمَدِينَة الْمَوْضُوعَة قبالة الْجنُوب يعرض لَهُم لين الْبَطن وَاخْتِلَاف الدَّم والحمى الَّتِي يعرض فِيهَا حر وَبرد مَعًا وَحمى شتوية طَوِيلَة وَحمى لَيْلَة وبواسير.

قَالَ: الذرب يحدث لَهُم إِذا لم يكن البلغم النَّازِل من رؤوسهم لذاعاً وَيحدث لَهُم اخْتِلَاف دم إِذا كَانَ مالحاً وانتياليس إِنَّمَا يعرض لَهُم لِأَن البلغم الَّذِي قد عفن يحدث مَعَه سخونة وَالَّذِي لم يعفن يحدث مَعَه برودة فَيكون فِي حَال حر وَبرد.

قَالَ ب: وَلَا يعرض لهَؤُلَاء ذَات الْجنب وَلَا ذَات الرئة وَلَا حميات محرقة وَلَا شَيْء من الْأَمْرَاض الحارة للين بطونهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>