شمالياً والصيف حاراً جدا. وَمَتى مَا كثرت الْمِيَاه كثر الموتان فِي الغلمان وهاجت قُرُوح فِي الأمعاء وَحمى مُثَلّثَة طَوِيلَة.
الأولى الْمَرَض الْوَافِد هُوَ الَّذِي يعرض فِي وَقت وَاحِد لناس كثير فِي بلد مَا فَإِن كَانَ غير قتال سمي مَرضا وَافد وَإِن كَانَ قتالاً سمي مَوتَانا.
لى: أول مَا يوضع فِي هَذَا الْبَاب تَدْبِير الْبدن المعتدل فِي الصَّيف والشتاء وَالربيع والخريف المعتدل ثمَّ الْخَارِج عَن الِاعْتِدَال فِي الْخَارِجَة عَن الِاعْتِدَال كَمَا يَنْبَغِي من التَّقْسِيم وَهُوَ مقَالَة وَاحِدَة وَالثَّانيَِة فِي الوباء وَنَحْوه.
الأولى من الْفُصُول: الْأَبدَان فِي الصَّيف تحْتَاج الْغذَاء الْأَقَل وَفِي الشتَاء وَالربيع تحْتَاج إِلَى غذَاء أَكثر لِأَن الأجوف فِيهَا تكون أسخن لبرد الْهَوَاء وانضمام سطوح الْبدن ولطول النّوم.
قَالَ: والتجربة تشهد بِأَنا نحتاج إِلَى أَن نتناول فِي الشتَاء وَالربيع طَعَاما أَكثر لأَنا إِن تناولنا طَعَاما يَسِيرا غلب الْبرد على أبداننا ونالنا بِسَبَب ذَلِك ضَرَر فَإِن أكلنَا طَعَاما كثيرا لم يعرض لنا شَيْء من ذَلِك وَلَا عرض لنا امتلاء وَالسَّبَب أَن الْحَرَارَة الغزيرة فِي الشتَاء أَكثر فَلهَذَا يكون هضمه للغذاء وإخراجه للفضول فِي جَمِيع النَّافِذ أَجود لِأَن اندفاع الفضول يكون بِحَسب قُوَّة الْحَرَارَة الغريزية وتعمل أَيْضا لَحْمًا ودماً أَكثر فتحتاج لذَلِك إِلَى مَادَّة أَكثر وَأَنت ترى الْبَوْل فِي الشتَاء يكون الرسوب فِيهِ أَكثر وَمِقْدَار الْبَوْل والهضم فِي الْمعدة فِيهِ يزِيد زِيَادَة صَالِحَة على مَا فِي الصَّيف.
قَالَ: وَجُمْلَة فَإِن حَال الْبدن فِي الشتَاء على أفضل الْأَحْوَال والهضم فِي الْمعدة وَالْعُرُوق على أفضل مَا يكون فَإِذا لم يكن الْغذَاء فِي الشتَاء كثيرا برد الْبدن جدا وقهر الْهَوَاء الْبَارِد الَّذِي ينشفه وَإِذا كثر غذاؤه سخن ونمت حرارته وَلَا يضر فِيهِ امتلاء لبرد الزَّمَان فَإِذا جَاءَ الرّبيع احْتِيجَ إِلَى الفصد لِأَن الدَّم الَّذِي كَانَ متداخلاً لَا تسعه حِينَئِذٍ الْعُرُوق لِأَنَّهُ يرق فَتحدث)
ضَرُورَة الأورام والأمراض.
قَالَ: يَنْبَغِي أَن تجْعَل الْغذَاء فِي أول الرّبيع كالشتاء وَفِي آخِره كالصيف وتزيد فِي ذَلِك وتنقص بِحَسب ميل البيع فِي طبعه إِلَى الشتَاء والصيف.
لى: الشتَاء يفعل فِي أبداننا أفضل الهضم وَكَثْرَة اللَّحْم وَالدَّم وَجمع الدَّم وحصره حَتَّى لَا يتَأَذَّى بكثرته ويصلب أبداننا وَيُقَوِّي الْقُوَّة.
وَالربيع يحل الأخلاط قَلِيلا ويبسط الدَّم والأخلاط وينشرها فِي الْبدن. والصيف يحلل الأخلاط ردية ومراراً وَيجْعَل دماءنا ردية.
الثَّانِيَة من الْفُصُول: الصَّيف تنقص فِيهِ الْأَمْرَاض لِأَنَّهُ لَا تَخْلُو أَن تكون الْقُوَّة فِيهِ قَوِيَّة أَو ضَعِيفَة فَإِن كَانَت قَوِيَّة حلل الأخلاط فبرأ سَرِيعا وَإِن كَانَت ضَعِيفَة حلل مَعَ تَحْلِيل الأخلاط الْقُوَّة فَمَاتَ.
والشتاء لَا تنْحَل فِيهِ الْأَمْرَاض بِسُرْعَة لعدم التَّحَلُّل من خَارج والمرضى لَا يموتون فِيهِ لشدَّة الْقُوَّة فتطول الْأَمْرَاض.