فيأكلان من شورج أصل الحيطان. وهي شيء بين الملح الخالص والتراب، فيزقانه به فإذا علما أنه قد دبغ زقاه الحب الذي قد غب في حواصلهما ثم بالذي هو أطرأ فأطرأ حتى يتعود، فإذا علما أنه قد أطاق اللقط منعاه بعض المنع ليحتاج ويتشوف فتطلبه نفسه وتحرص عليه. فإذا فطماه وبلغا منتهى حاجته إليهما نزع الله تلك الرحمة منهما، وأقيل بهما على طلب نسل آخر. فسبحان من عرف الخلائق وأتقنها وسواها، وجعلها دلالة لمن استدل بها عليه، ومخبرا صادقا لمن استخبرها عنه. ذلك الله رب العالمين.
٢٠- بعضهم: رأيت حمامة ذكرا له أنثيان، وقد باضتا منه، فهو يحتضن مع هذه وهذه، ويزق معهما.
٢١- الجاحظ: وللحمام من الفضيلة والمفخر أن الواحدة تباع بخمسمائة دينار، ولم يبلغ ذلك شيء من الطير غيره، وهو الهادي الذي جاء من الغابة. قال: ولو دخلت بغداد والبصرة وجدت ذلك بلا معاناة.
ولو حدث أن برذونا أو فرسا بلغ خمسمائة دينار لكان سحرا.
وتباع البيضة الواحدة منه بخمسة دنانير، والفرخ بعشرين. فمن كان له زوجان منه قاما في الغلة مقام ضيعة. وأصحابه يبنون من أثمانه الدور الجياد والحوانيت المغلّة، هو مع ذلك ملهى عجيب، ومنظر أنيق، ومعتبر لمن فكر.
٢٢- جهم بن خلف:
وقد هاج شوقي أن تغنت حمامة ... مطوقة ورقاء تصدح في الفجر
هتوف تبكي ساق حر ولن ترى ... لها دمعة يوما على نحرها تجري «١»