للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدخل١ في هذه الدرجة: الماضي معنى دون لفظ -وهو المضارع المسبوق بالحرف "لم"؛ نحو: إن لم تتأهب للأعداء لم تتغلب عليهم -من لم يهيئ للغاية وسائلها عوقب بالخيبة في إدراكها- من قصر في الوسيلة لم يفز بتحقيق الأمل وقد سبق٢ الكلام على إعراب المضارع المسبوق "بلم".

الثالثة: أن يكون فعل الشرط ماضيا -ولو معنى- وفعل الجواب مضارعا أصيلا كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} . فالماضي مبني في محل جزم، والمضارع المجرد مجزوم مباشرة. ومثل؛ من لم يغتنم الفرصة يعاقب بالحرمان، ويجوز رفع المضارع، وهذا حسنن ولكن الجزم أحسن٣ ...

الرابعة: أن يكون فعل الشرط مضارعا أصيلا مجزوما، وفعل الجواب ماضيا -ولو معنى- وهذه الصورة أضعف الصور؛ حتى خصها بعض النحاة بالضرورة الشعرية، ولكن الصحيح أنها ليست مقصورة على الشعر، وإنما تجوز في النثر مع قلتها. ومن أمثلتها نثرا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له". وقول عائشة عن أبيها وهي تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن أبا بكر رجل أسيف٤؛ متى يقم مقامك٥ رق". ومن أمثلتها شعرا قول القائل يمدح ناصره:

من يكدني٦ بسيئ كنت منه ... كالشجا بين حلقه والوريد

وقول الآخر في أعدائه:

إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحا ... مني، وما يسمعوا من صالح دفنوا ... ٧


١ ومثل قول الشاعر:
ومن عاتب الجهال أتعب نفسه ... ومن لام من لا يعرف اللوم أفسدا
٢ في رقم ٣ من هامش ص٤١٤.
٣ وسيجيء هذا الحكم في الصفحة التالية وفيها أمثلة للرفع المطلوب هنا.
٤ كثير الأسف والحزن والبكاء؛ خوفا من الله.
٥ تريد: متى يقم مقامك في الصلاة إماما بالناس وقت تخلفك عن الإمامة.
٦ كاد، يكيد، كيدا خدع ومكر.
٧ وفي نوعي الفعلين يقول ابن مالك في بيت أشرنا إليه في هامش ص٤٢٤ لمناسبة هنا:
وماضيين أو مضارعين ... تلفيهما، أو متخالفين

<<  <  ج: ص:  >  >>