للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمنه ماض، بسبب "لم" فهذه الأفعال تتجرد للزمن المستقبل وحده؛ بسبب أداة الشرط الجازمة وفيما يلي ترتيب درجاتها.

الأولى: أن يكون الفعلان مضارعين أصيلين مجزومين، لفظا١ بأداة الشرط لأن أحدهما فعل الشرط، والثاني هو فعل الجواب المباشر٢؛ كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} ، وقوله تعالى: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} ٣ وقوله: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} .

الثانية: أن يكون الفعلان ماضيين لفظا؛ فيبنيان لفظا ويجزما محلا - أي: أن كلا منهما مبني في لفظه؛ "كالشأن في الأفعال الماضية كلها" ولكنه في محل جزم؛ لأنه فعل الشرط، أو فعل الجواب، والأصل في فعلي الشرط والجواب أن يكونا مضارعين مجزومين لفظا؛ فكذلك يجزم ما يحل محلهما. ولما كان الماضي لا يجزم لفظا وجب جزمه محلا٤. ومن الأمثلة: من أسرف في الأمل، قصر في العمل، وقول الشاعر:

ومن دعا الناس إلى ذمه ... ذموه بالحق وبالباطل

وقول الآخر:

إن اللئام إذا أذللتهم صلحوا ... على الهوان، وإن أكرمتهم فسدوا


١ هذان إن لم تتصل بالمضارع إحدى النونين، فإن اتصلت به إحداهما كان مبنيا في محل جزم؛ -كما في ص٢٧٩.
٢ أي: الذي يعتبر وحده فعل الجواب مجزوما، وهو مع فاعله جملة فعلية هي جملة الجواب؛ وليست في محل جزم. بخلاف بعض الحالات الأخرى، كالتي يكون فيها المضارع مع فاعله خبرا لمبتدأ محذوف، والجملة من المبتدأ المحذوف وخبره هي الجملة الجوابية، في محل جزم -كما سيجيء في هامش ص٤٤٣- ففي هذه الصورة وأمثالها لا يكون هو فعل الجملة الجوابية إذ الجملة المضارعية هنا خبر لمحذوف، وليست هي الجواب، وليس المضارع فيها مجزوما.
٣ أو الآية: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} .
٤ لهذا الجزم المحلي آثاره في التوابع؛ كالعطف والبدل وغيرهما. فإذا عطف عليه مضارع متحد معه في الزمن وجب جزم المضارع المعطوف. وإن أبدل منه مضارع جزم أيضا، وهكذا. وإن عطف عليه ماض كان مبنيا في اللفظ، مجزوم المحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>