للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكاف الخطاب الحرفية١، ومنه قول عنترة:

ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قيل الفوارس: ويك عنتر أقدم

واسم الفعل المضارع مبني حتما، ولا بد له من فاعل مستتر وجوبا، وهو مثل فعله في التعدي واللزوم.

ثالثها: اسم فعل ماض -وهو ساعي وقليل؛ كالسابق، ومنه: "هيهات"، وكذا: "شتان" وقد تقدما. والصحيح الفصيح في "شتان" أن يكون الافتراق خاصا بالأمور المعنوية٢؛ كالعلم، والفهم والصلاح؛ تقول: شتان٣ علي ومعاوية في الشجاعة، وشتان المأمون والأمين في الذكاء، وشتان الإيثاء، والأثرة٤؛ فلا يقال شتان المتخاصمان عن مجلس الحكم، ولا شتان المتعاقدان عن مكان التعاقد٥ ...


= "الوجه فيه عندنا قول الخليل سيبويه، وهو: أن "وي" على قياس مذهبهما اسم سمي به الفعل "أي: اسم فعل" في الخبر؛ فكأنه اسم: "أعجب" ثم ابتدأ فقال: "كأنه لا يفلح الكافرون" وكذلك قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ؛ فـ"كأن" هنا إخبار عار من معنى التشبيه. ومعناه: أن الله يبسط الرزق لمن يشاء. و"وي" منفصلة من كأن، وعليه بيت الكتاب:
وي كأن من يكن له نشب يحـ ... ـبب، ومن يفتقر يعيش عيش ضر
ومما جاءت فيه "كأن" عارية من معنى التشبيه ما -أنشدناه أبو علي:
كأني حين أمسي لا تكلمني ... تيم يشتهي ما ليس موجودا
أي: أنا حين أمسى "متيم" من حالي كذا وكذا ... ". ا. هـ.
١ انظر رقم٩ من ص١٦٠ حيث الكلام على "طاف الخطاب" التي تتصل بأنواع أسماء الأفعال.
٢ لهذا إشارة في رقم١ من هامش ص١٤٣، ثم انظر رقم٢ من هامش ص١٥٨؛ حيث بعض استعمالاتها.
٣ ولا يكون فاعله إلا متعددا بواو العطف دون غيرها؛ وقد تفصل بينه وبين فاعله "ما" الزائدة "وستجيء إشارة لهذا في رقم٢ من هامش ص١٥٨ عند الكلام على الأحكام".
٤ الإيثار تقديم المرء غيره على نفسه في الانتفاع، والأثرة العكس.
٥ في ص١٦١ صورة أخرى من أسماء الأفعال المختلفة. وقد اقتصر ابن مالك في باب عنوانه: "أسماء الأفعال والأصوات" على الإشارة العابرة لما شرحناه، بقوله:
ما ناب عن فعل؛ كشتان وصه ... هو اسم فعل، وكذا: أوه، ومه
والمراد من عنوان الباب هو: أسماء الأفعال، وأسماء الأصوات، لا أن الأسماء لهما معا. وقد أوضحناه معنى أسماء الأفعال التي عرضها. ثم قال:
وما بمعنى: "افعل"؛ كآمين، كعثر ... وغيره -كوى وهيهات- نزر
"والمراد من: "افعل"، هو فعل الأمر. نزر= قل". أي: أن اسم الفعل الذي بمعنى فعل الأمر كثير. أما الذي بمعنى غيره -كالذي بمعنى الماضي أو المضارع- فقليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>